محالة يقع المالك مع الإجارة الثانية في ضرر مالي فله إعمال الخيار والرجوع ببدل المنفعة واقعا، وإن لم تكن بأقل من القيمة الواقعية فلا ضرر مالي، والضرر الحالي إنما يتدارك إذا انحلت الإجارة الثانية بحل الأولى، وأما إذا لم تنحل كما سيظهر إن شاء الله تعالى فلا أثر للخيار، فلزوم الإجارة الأولى كما لا يرتفع الضرر برفعه كذلك ليس ضرريا بذاته، وإنما الضرري هي الإجارة الثانية غير المرتبطة بالمالك فلا يمكن دفع هذا الضرر وهو نقض الغرض المعاملي إلا بأحد وجهين: إما بتقييد أصل المنفعة حتى لا تنفذ الإجارة الثانية أو بجعل الخيار لنفسه في الإجارة الثانية على تقدير الإجارة من الغير بالشرط بناء على المشهور من عدم اعتبار التنجيز في خصوص الشرط كما مر سابقا.
وأما انحلال الإجارة الثانية بعد حل الإجارة الأولى بأعمال الخيار فقد ذكرنا في مباحث الخيارات أن الإجارة الثانية حيث إنها وقعت صحيحة لازمة بسبب صحيح ملزم على الفرض، والفسخ كما هو التحقيق والمشهور من الحين، وحق الخيار باق مع التصرف والتلف، فلا محالة لا تنحل الإجارة الثانية بحل الأولى، وإنما يقتضي حلها بعد التصرف رجوع المنفعة ببدلها لا بعينها، وتمام الكلام من هذه الجهة في محله فتدبر.
وأما إذا قلنا ببطلان الإجارة الثانية فيقع الكلام أيضا في مقامين: (أحدهما) في تعقل الخيار للمالك (ثانيهما) في امكان تصحيح الإجارة الثانية.
أما الأول فنقول: متعلق الشرط إن كان ترك الإجارة بالحمل الشايع ففرض البطلان فرض عدم التخلف وعدم حصول المخالفة للشرط فلا معنى للخيار، وإن كان ترك إنشاء الفسخ فحصول المخالفة وجداني فلا بأس بالخيار، كما أنه إذا كان الشرط متعلقا بترك اسكان الغير في الدار أو ترك اركاب الغير على الدابة فحصولهما غير مناف لبطلان الإجارة فيأتي حديث التخلف عن الشرط والخيار وأما الثاني فنقول: امكان تصحيح الإجارة الثانية بملاحظة أن المالك له اسقاط حقه الثابت له بالشرط فيرتفع المانع عن نفوذ الإجارة الثانية.