غررية ولا ينقلب الفاسد صحيحا إلا أن يفرض أن الأجير يعلم بالإقالة بعد الإجارة الثانية فلا غرر ولا خطر في وقت إيقاع المعاملة، ومن جميع ما ذكرنا تبين عدم صحة الإجارة الثانية ولو مع الابراء أو الإقالة.
المورد الثاني: ما إذا كان أجيرا للخياطة في مدة معينة فآجر نفسه للخياطة أيضا في تلك المدة، وهي تتصور على وجهين:
أحدهما: ما إذا ملك المنفعة المملوكة للمستأجر الأول، ولا شبهة في كونها فضولية تتوقف صحتها على الإجازة.
ثانيهما: ما إذا ملك الخياطة من دون تقييد بمملوكيتها للمستأجر الأول. أما على ما قلنا من أن المنفعة هي تلك الحيثية الواحدة اللا متعينة فالمفروض صيرورتها ملكا للمستأجر الأول وقيامه مقام المالك فلا حيثية أخرى حتى تملك ثانيا لا كالمنفعة المضادة لها بحيث تكوم موجودة بل مملوكة وغير قابلة للتمليك، فتكون الإجارة فضولية قهرا لعينية مورد الثانية مع مورد الأولى، فتقف على إجازة المستأجر الأول.
وأما على المسلك الآخر من كون الخياطة بالإضافة إلى أفرادها المقدرة الوجود كالكلي في المعين، فالكلي في المعين قابل للتعدد. غاية الأمر أنه بعد تمليك الكلي الخارجي لا يملك كليا آخر لا أنه لا كلي آخر، وإذا لم ترد الإجارة الثانية على مورد الأولى، لعدم القصد على الفرض وعدم العينية القهرية، لتعدد الكلي الخارجي فلا تقبل الإجازة من المستأجر الأول. نعم الإجازة المتضمنة للإقالة توجب إدراج المورد تحت عنوان من آجر ثم ملك كمن باع ثم ملك. هذا حال تمليك المنفعة.
وأما إذا ملك كلي الخياطة المتعهد بها في الذمة في مدة معينة، فإن كان بنحو الإشارة إلى مملوك المستأجر الأول فهي فضولية قطعا، وإن كان بالنظر إلى نفس طبيعي الخياطة في الذمة فربما يتخيل لزوم ورود ملكيتين على طبيعة واحدة، وهو من اجتماع المثلين فيستحيل ورود الملكية ثانيا بعد ورودها أولا على طبيعي الخياطة، ويندفع بأن وحدة الطبيعة وحدة نوعية عمومية لا شخصية حتى لا تكون قابلة لورود الأمثال والأضداد. نعم طبيعي الخياطة في المدة حيث إنها قابلة