الأول: إن البيع تصرف في الحق بإزالته باعدام موضوعه وهو اخراج العبد عن ملكه فلا يبقى مجال لعتقه، مع أن التصرف في الحق ليس إلا لمن له الحق كالملك فكما لا ينفذ التصرف في الملك إلا من مالكه أو وليه أو وكيله فكذلك لا ينفذ التصرف في الحق إلا ممن له الحق أو وليه أو وكيله، فحاصل هذا الوجه بطلان التصرف لفقد ملك التصرف المعتبر في نفوذ المعاملة.
والجواب: إن الولاية المعتبرة في نفوذ التصرف إنما تعتبر في كل تصرف يكون من شؤون الحق، والتصرفات التي هي من شؤون الحق السلطنة على مطالبته والنقل إلى الغير وإنشاء سقوطه أو اشتراط سقوطه، فهذه شؤون الحق وأمرها بيد من له الحق دون غيره، وأما موضوع متعلق الحق وهو العبد فهو ملك المشتري وأمره بيده، وابقاء موضوع الحق واعدامه ليس من شؤون الحق ليكون أمره بيد من له الحق حتى يكون بيعه تصرفا في الحق الذي لا يملك أمره فتدبر، بل أمر نفس متعلق الحق وهو العتق أيضا ليس بيد من له الحق فليس له عتقه بل أمره بيد مالك العبد. نعم للبايع المستحق اسقاط حقه.
الثاني: إن البيع وإن لم يكن تصرفا في الحق إلا أنه تصرف مناف للحق الثابت بعلته التامة ولا يجتمعان في الوجود، بداهة عدم امكان استحقاق العتق على حاله مع انتقال العبد عن المشتري إلى غيره، وإذا تحقق أحد المتنافيين استحال تحقق ما ينافيه وإلا لزم اجتماع المتنافيين في الوجود وهو خلف، فالتصرف البيعي وإن كان مستجمعا لجميع ما يعتبر في نفوذه شرعا ولم يوجب استحقاق العتق خللا في شئ من شرائطه إلا أن التمانع في الوجود مع سبق الاستحقاق مانع عقلي عن وجود البيع.
والجواب: إن استحقاق العتق والتصرف البيعي يغير متقابلين بالأصالة لا بتقابل السلب والايجاب ولا بتقابل العدم والملكة ولا بتقابل التضاد إلا بين نفس العتق والبيع، فإنهما بما هما تصرفان ثبوتيان في موضوع واحد متضادان. نعم بين استحقاق العتق ونفس البيع تقابل بالتبع، نظرا إلى أن استحقاق العتق بقاؤه ببقاء