ويندفع (أولا) بأن وجه بطلان الإجارة الثانية كما تقدم غير منحصر في مانعية الحق، فعلى القول بغيره من الوجوه المانعة عن نفوذ الإجارة لا يمكن تصحيحها إلا بزوال نفس الشرط، ولا يمكن إلا بانحلال الإجارة لينحل الشرط المتقوم به، وانحلالها ولو بالإقالة موجب لبقاء الإجارة الثانية على حالها من البطلان لا خروجها عنه إلى الصحة (وثانيا) بأن اسقاط الحق قبل وقوع الإجارة الثانية يوجب خلوها عن المانع فتنفذ بشمول عموم دليل الصحة لها، وأما بعد وقوع الإجارة فلا، لأن مانعية الحق عن نفوذ الإجارة الثانية عقلية لا شرعية حتى تكون منوعة للعام إلى نوعين، فيكون الخالي عن المانع من الأفراد المقدرة الوجود الداخلة في هذا النوع من الأول، بخلاف المانعية العقلية فإنها لا توجب تصرفا في الدليل الشرعي حتى يكون العام في مقام الاثبات ذا نوعين، فالعقد الواجد للمانع العقلي مع أنه تمام الموضوع إذا لم يعمه العامل فلا معنى لشموله له فيما بعد وتمام الكلام في محله، هذا مع اسقاط الحق.
وأما إذا لم يسقط حقه فهل للمالك أن يجيزه لنفسه فإن كانت الإجارة موقتة بوقت مضيق كحمل المتاع على الدابة في هذا اليوم الخاص بشرط الاستيفاء المعهود فلا موقع للإجارة، لأن المنفعة في هذا اليوم ملك المستأجر غاية الأمر أن حق المالك منع عن نفوذ تمليكها للغير. وإن كانت الإجارة موسعة كحمل المتاع في يوم من أيام الأسبوع بنحو الكلي في المعين بناء على عدم محذور فيه كما سيجئ ء إن شاء الله تعالى تحقيق القول فيه. فلا مانع من وقوع الإجارة الثانية للمالك بإجازته. فإن المالك كما له أن يؤجر بنحو الكلي في المعين دابته من شخص آخر كذلك له أن يجيز.
ولا تتعين المنفعة الخاصة للمستأجر الأول في مثل الكلي في المعين إلا بأحد أمرين: إما باستيفاء مباشري حقيقة وإما باستيفاء اعتباري إجاري. والمفروض انتفاء الأول كما أن المفروض بطلان الاستيفاء الإجاري، فالمنفعة الكلية باقية على حالها للمستأجر الأول من دون انطباق على مورد الإجارة الثانية، فلا مانع من إجازة