الضمان وإلا لكان التضمين حراما، كما أن تقييده بعدم التهمة باستثناء صورة التهمة يدل على أمرين:
أحدهما: أن مورده الاتلاف والتلف بتفريط لا التلف المحض الذي يستوي فيه البر والفاجر والأمين والخائن والمتهم وغيره.
ثانيهما: إن مورده ثبوت موجب الضمان ظاهرا بقيام بينة أو نكول عن الحلف وشبههما لا ما إذا ثبت الموجب قطعا، فإنه لا موقع للانقسام إلى المتهم وغيره بخلاف ما إذا ثبت عليه شرعا مع أنه لم يكن كذلك واقعا لكونه مأمونا غير متهم، والكلام في كراهة تضمين هذا الموضوع بعد الفراغ عن ضمان الأجير لما يتلف في يده كما سيأتي إن شاء الله تعالى البحث عنه مفصلا. إلا أن الأخبار بمنطوقها لا تدل على كراهة التضمين بهذه الخصوصية المفسرة بها عبارة الشرايع في كلمات شراحها (1) وغيرهم، بل المستفاد منها أمران:
أحدهما: إن أمير المؤمنين عليه السلام أسس أصلا كليا في هذه الموارد احتياطا على أمتعة الناس فحكم بالضمان بمجرد التلف قبل ثبوت التفريط أو الاتلاف إلى أن يتبين خلافه (2)، واستثني منه في كلمات الأئمة من بعده عليهم السلام ما إذا كان الأجير مأمونا غير متهم (3)، ومن المعلوم أن رفع مثل هذا التضمين الاحتياطي بمجرد كونه مأمونا لا يلازم رفع الضمان الثابت موجبه شرعا بكون مأمونا.
ثانيهما: إنه لا يضمن إذا كان مأمونا بمعنى أنه لا يتسبب إلى تضمينه بطلب البينة أو استحلافه لا أنه لا يضمن بعد قيام البينة أو نكوله عن الحلف إذا كان مأمونا.
نعم يمكن أن يقال إنه يستفاد من كراهة التسبب إلى تغريم المأمون غير المتهم كراهة تغريم المأمون وإلا لما كره التسبب إلى تغريمه، فراجع أخبار الباب الناهية