وأما أفاده من تعميم المؤاخذة لما يشمل الالتزامات في باب العقود فلا يخفى ما فيه من البعد وارتكاب خلاف الظاهر على ما لا يخفى. والانصاف كون التعليل لرفع العمد عن الصبي والمجنون وتحمل العاقلة ديتها برفع القلم عنهما يوضح المراد من رفع القلم وإن المراد به هو ما قدمناه من أحد المعنيين أعني أما الحمل على معنى الكنائي وهو كون الصبي والمجنون في الأفعال التي تتقوم بالقصد يكونان مرخييا العنان كالبهائم وأما الحمل على رفع قلم التشريع وجعل الأحكام.
ومما ذكرناه من أن مورد حديث رفع القلم عن الصبي إنما هو في أفعاله القصدية التي يتصور فيها العمد والخطأ وإن فعله بما هو فعل قصدي صدر عنه رفع عنه قلم الأحكام الثابت له لو كان صادرا عن البالغ يظهر خروج مثال إذن الصبي في دخول الدار وايصاله الهدية وما تكون من المعاملات التي لم يقصد انشاء عقد بل كان الغرض نفس النتيجة الحاصلة من العقد من دون دخل فعل في حصولها بما هو فعل قصدي صادر عن فاعله وذلك كوضع الثمن في صندوق الحمامي والسقاء لدخول الحمام وشرب الماء حيث إن المقصود ليس ايقاع البيع بذلك الفعل ولذا يكتفى بنفس تحققه ولو لم يصدر من الانسان أيضا كما في الكلب المعلم وإن خروج مثل هذه الأمور لا يكون بالتخصيص، بل إنما هو من باب التخصص نعم مثل وصيته خارجة من باب التخصيص.
ومما استدل به لاثبات هجر الصبي ما ورد من الأخبار الخاصة مثل ما روي عن الباقر (ع) بأن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودفع إليها أموالها وجاز أمرها في الشراء والغلام لا يجوز أمره، ولا يخرج عن اليتم حتى يبلغ خمسة عشر سنة، وما رواه ابن سنان متى يجوز أمر اليتيم قال (ع) حتى يبلغ أشده قال ما أشده قال احتلامه وفي معناهما غيرهما وتقريب الاستدلال بها