المنفعة أي بحسب الخارج واستيفاء المنفعة سبب للضمان أي بحسب وجودها التصوري وهذا بخلاف الضمان الحاصل بالشرط فإن المنفعة لا تكون سببا وداعيا في ايجاده لمكان كون المنفعة حاصلة للضامن بلا عوض بل مجانا كما في العارية وإنما الضمان نشأ عن حكم شرعي تعبدي كما في ضمان عارية الذهب والفضة أو باشتراط في العقد كما فيما إذا كان بسبب الشرط " والحاصل أن ظاهر كلمة باء السببية يقتضي انحصار المراد من الضمان في قوله الخراج بالضمان إلى الضمان الجعلي ببذل العوض ولا يشمل ما لو كان بالشرط أو بحكم تعبدي (الدعوى الثانية) دعوى اختصاص المراد من الحديث الشريف بما إذا كان الضمان الجعلي ببذل العوض العقد الصحيح لا ما يشمل الفاسد وذلك لوجهين (الأول) ظهور كلمة الخراج بالضمان في كون التعهد بالشئ ببذل عوض في مقابله هو المنشأ لكون الخراج له وهذا منحصر بمورد العقد الصحيح إذ لا ضمان في العقد الفاسد بهذا المعنى أي بمعنى تعهد الشئ به بعوضه لأن التعهد به بعوضه إنما يتحقق إذا كان العقد صحيحا، وأما مع فساده فيتحقق الضمان بالمثل أو القيمة وليس هذه الدعوى مبنية على كون الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية فضمان العوض اسم لما هو كذلك واقعا وهو منتف في العقد الفاسد (الثاني) أن منشأ الضمان في العقد الفاسد إنما هو اليد ولذا قلنا في قاعدة ما يضمن بصحيحه بأن المراد من الضمان فيه هو الضمان بالمعنى الاسم المصدري ومعه فلو أريد التعميم للعقد الفاسد لزم إرادة المعنى الاسم المصدري منه الذي فهمه أبو حنيفة مع أنك عرفت بطلانه بما تقدم " ومنه يظهر ضعف التمسك بقاعدة الخراج بالضمان لاثبات عدم ضمان منافع المستوفاة كما عن الوسيلة وظهر اختصاص القاعدة بالعقد الصحيح فيما إذا كان الضمان ببذل العوض وهذا
(٣٣٢)