مثل بيع العنب ممن يعمله خمرا المصرح بجوازه في الأخبار حتى يكون خروجه عن حكم الإعانة بالتخصص لا بالتخصيص (فاعلم) أن مفهوم الإعانة عبارة عن فعل ما يتمكن به الغير من ايجاد ما هو مطلوبه، ولا شبهة في صدق هذا المعنى على الفعل الذي لا يتوسط بينه وبين صدور مطلوب العين إلا صدور الإرادة التحقيقية من الغير بعد أن كانت تقديرية كما في مثال مناولة السوط للظالم، حيث إنه مريد للضرب على تقدير مناولة السوط وليس بينه وبين الإرادة الفعلية للضرب حائل إلا عدم كون السوط بيده (كما أنه لا شبهة) في عدم صدق الإعانة على ما كان خارجا عن سلسلة مقدمات وجود المعصية و إن كان له دخل في تحقق إرادة المعصية (وبعبارة أخرى) يكون واقعا قبل حصول إرادة المعصية من العاصي، وهذا كتجارة التاجر الموضوع لأخذ العشار منه العشر حيث إن تجارته هذه تكون منشأ لإرادة العشار أخذ العشر منه بحيث لا إرادة منه قبل التجارة أن يأخذ من ذلك التاجر شيئا وإن كانت له إرادة كلية بأخذ العشر من كل تاجر إلا أن صدور أخذ العشر من هذا التاجر لا يتمشى من هذه الإرادة الكلية ما لم تنضم إليها إرادة أخذ العشر بإرادة جزئية.
(وإنما الكلام) في صدق الإعانة على ما عدا الأخيرة من المقدمات الخارجة التي تقع بعد تحقق الإرادة وإنها هل هي إعانة مطلقا أو ليست إعانة مطلقا أو يفصل بين ما يقصد به توصل مريد الإثم على المعصية وبين ما لم يكن كذلك فيقال بكونها إعانة في الأول دون الأخير؟ وجوه، وهذا كما تقدم فيما كان صدور تلك المقدمات لصدور المعصية من شخص العاصي نفسه (فنقول) الحق هو التفصيل بمعنى أن كان فعل له دخل في صدور الحرام عن الغير إذا قصد به توصل الغير به إلى الحرام فهو إعانة على الإثم وإلا لا يكون إعانة إلا إذا كان الجزء الأخير من مقدمات صدوره فإنه لا يحتاج في صدق الإعانة عليه إلى قصد التوصل