وأما ما أفاده من أن وجوب التوكيل بمعنى الوجوب الشرطي هو المطابق للأصل فهو باطلاقه ممنوع بل إنما يصح إذا قلنا بأن الأصل في كل معاملة فعلية هو عدم اللزوم إذ الأصل في إشارة الأخرس هو الاقتصار في الاكتفاء بها في صورة العجز عن التوكيل وأما لو قلنا بأن الأصل هو اللزوم يكون الأصل هو عدم الاشتراط كما لا يخفى هذا كله حال إشارة الأخرس عند العجز عن التلفظ وقد عرفت أنها تقوم مقام اللفظ عند عدم التمكن منه، وأما الكتابة فهل يصح انشاء العقد بها أم لا: ثم على الأول فهل يكون في عرض الإشارة أو أنها تكفي بها عند العجز عن الإشارة، ففيها احتمالات: فقد يقال بعدم العبرة بها أصلا " إذ الانشاء لا بد من أن إما بالقول أو بالفعل الخارجي والكتابة ليست إلا النقش على القرطاس فلا يقع بها الانشاء، ولكن التحقيق أنها في الدلالة على المقاصد أوضح من الفعل، بل ربما يقال بأنها أوضح من الفظ كما أنها هي المعتبرة في هذه الأعصار في باب الأقارير ونحوها. ويمكن احراز اعتبارها كذلك في ساير الأعصار أيضا ولكن الانصاف أن القدر الثابت من اعتبارها إنما هو في مقام احراز المرادات وكاشفيتها عن المقاصد،، وأما كونها آلة " لانشاء أمر انشائي مثل العقود والايقاعات فلم يثبت وليس مما يقع بها الانشاء عرفا " وعلى هذا فيشكل وقوع العقد بها حتى في مثل الوصية فضلا عن غيرها وخلاصة الكلام في باب الإشارة هو أن هاهنا مقامات، الأول في بيان أن الأصل هل يقتضي اشتراط تحقق كل معاملة بالقول فلا تصح المعاملة الفعلية إلا ما قام الدليل على صحتها أو الأصل يقتضي صحة كل معاملة فعلية إلا ما قام الدليل على عدم صحتها فعلى الأول تكون صحة المعاطاة من جهة قيام الدليل على صحتها كما أنه على الثاني يكون الحكم بفساد المعاملة الفعلية من القادر على النطق لأجل قيام الدليل على فسادها، ولازم الأول هو أصالة
(٢٧٤)