والدفع مدلول بالالتزام (الثالث) أن العقود ينقسم إلى عقود أذنيه كالوكالة ونحوها وإلى عقود عهدية. والعهدية أيضا " تنقسم إلى العقود المعاوضية مثل البيع والنكاح ونحوهما وإلى غيرها مما لا تشتمل على المعاوضة كالرهن والهبة الغير معوضة وإلى عقد الصلح الذي هو عقد مستقل وإن كان يفيد في كل باب فائدة تلك المعاملة كما إذا ورد على العين بعوض مسمى فإنه يفيد فائدة البيع والقبول في الأولى أعني العقود الإذنية عبارة عن مطلق الرضاء بالايجاب إذا كان الرضا مبرزا باللفظ ولا يكفي في تحقق العقد خصوص الرضا الباطني وفي بقيه العقود لا بد من مطاوعة الايجاب والالتزام بمدلوله.
إذا عرفت ذلك، فنقول المصنف قده يريد أن يفصل بين أقسام العقود بالقول بوقوع قبول العقود الإذنية بكل لفظ دال على الرضا بالايجاب مطلقا سواء كان مقدما على الايجاب أو متأخرا عنه وتعيين ما يدل صريحا على مطاوعة الايجاب باللفظ قبلت وشبهة ولزوم تأخره عن الايجاب في العقود العهدية الغير معاوضية وبلزوم كون القبول في الصلح بلفظ قبلت ورضيت ونحوهما لا لفظ صالحت ونحوه ولزوم تأخره عن الايجاب أيضا وجوز في العقود المعاوضية بأن يكون القبول بمثل لفظ قبلت ورضيت ونحوهما مما يدل على مطاوعة الايجاب وبمثل شريت وابتعت ونحوهما في البيع وما يجري مجراهما في سائر العقود وفصل بينهما في المنع عن تقديمه على الايجاب مما كان من قبيل قبلت ونحوه وقال بجواز التقديم فيم إذا كان من قبيل شريت واتبعت ومنشأ هذا التفصيل ، أما في العقود الإذنية فلأن القبول فيها ليس إلا الرضا بالايجاب فيقع بكل لفظ دال عليه ويصح تقديمه على الايجاب وأما وجه المنع عن التقديم في العقود العهدية الغير المعاوضية فلأن القبول فيها ليس إلا مطاوعة الايجاب