نعم، إن الذي أعمته العصبية للرجال لن تخطر في باله هذه اللوازم التي لا شك أنه سيعتبرها عجيبة ولا عجب لا سيما إذا عرف السبب.
2 - أما قوله بكون " النص صريح بأن الحديث عن الخطأ في تقدير الأمور التي لا تضر بالعصمة، والتي تقع في دائرة ترك الأولى " فهو قول غريب لأنه مصادرة واضحة على المطلوب، كون البحث إنما هو في أن هل الخطأ في تقدير الأمور يضر بالعصمة أم لا؟ ولو كنا نسلم بأن أخطاء كهذه لا تضر بالعصمة أو أنها تقع ضمن دائرة ترك الأولى لم يكن ثمة مبرر لكل هذا النقاش ولكل تلك الاعتراضات.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنه على فرض التسليم بقبول الخطأ في تقدير الأمور وإن ذلك يقع في دائرة ترك الأولى، فإن أقصى ما يمكن قبوله هنا هو الخطأ في تقدير الأمور المتعلقة ببعض الشؤون الحياتية الخاصة، أما الخطأ في تقدير الأمور المتعلقة بالدعوة، أو ما ينتج عنها من أخطاء تؤدي إلى اتهامات خطيرة لنبي من الأنبياء، كأن يتحمل مسؤولية انحراف قوم عن جادة التوحيد بسبب التساهل معهم - على حد تعبير صاحب " من وحي القرآن " - فإن ذلك قطعا من الأخطاء التي لا يصح نسبتها إلى الأنبياء، ولا هي تقع ضمن دائرة ترك الأولى، ومنذ متى كان إطلاق التهم الخطيرة يجعل التهمة من قبيل الترك للأولى؟!!.
وإذا كان اتهام شخص بالزنا، وهو أمر محصور التبعات بالقياس إلى انحراف أمة عن جادة التوحيد يعتبر قذفا يستحق عليه مطلقه إقامة الحد، فكيف باتهام يتعلق بتحميل مسؤولية انحراف أمة بأكملها عن التوحيد إلى الشرك.
وإذا كان الساكت عن الحق شيطانا أخرسا، فما بالك بمن يسكت عن انحراف كهذا؟!!.
3 - هل يكفي التصريح بأن هذا الخطأ أو ذاك لا يضر بالعصمة ليخرج هذا الفعل بذلك عن كونه ضارا بالعصمة؟!!.