أخيه في الأمر، كانت حجته أنه سيكون عضدا له يشدد به أزره وهو صريح ما صرح به القرآن: {... هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري..}.
من هنا، فإن من يذهب إلى أن ما صدر من موسى (ع) تجاه أخيه كان اتهاما له، ليس فقط يطعن بنبي الله موسى (ع) لجهة اتهامه لشخص بريء، وما يترتب على ذلك من نسبة الجهل إليه، وإنما يطعن في أصل الدور الذي من أجله طلب موسى (ع) من ربه إشراك هارون في أمره، وتلك التفاتة دقيقة ينبغي الالتفات إلى معياريتها في فهم ما ترمي إليه الآيات محل البحث ألفت إليها العلامة المحقق، والحق يقال أننا لم نر من العلماء الأعلام في حدود ما أطلعت عليه من أشار إليها ونبه عليها.
4 - إذا اتضح كل ذلك، اتضح معه أن لا وجه لما ذكره " الكاتب " من كون " قساوة المواجهة وشدتها لا يمكن أن تنكر ".
5 - أما قول " الكاتب " بأن " الذي يفسر الآيات الآنفة بغير ذلك (أي بأن غضب موسى كان على هارون بسبب ما حسبه عصيانا من هارون بعدم اتباعه) فإن تفسيره يكون بدون شك بعيدا عن الظهور " (1).
فهو قول عجيب وغريب، وإذا أردنا أن نستعمل عباراته بحق من يرفض تفسير الآخرين فإننا نقول له:
" لست أدري - (حضرة الكاتب) لماذا تنظرون إلى الآيات المباركة بهذه النظرة التي لا تحتمل إلا رأيا واحدا، ولا ترى إلا اتجاها وترا فاردا، وكأن الوحي نزل عليكم ، أو كأن تفسيره ليس من حق أحد، إلا ما يراه (حضرتكم) أو ما توافقون عليه من رأي خاص مطروح من قبلكم.
ليس هكذا يتعامل مع كتاب الله العزيز، البحر الذي لا يدرك قعره، والحمال ذي الوجوه، ذي البطون السبعة، بل السبعين، كما لست أدري لماذا يكون ديدنكم في كتاب (مراجعات في عصمة الأنبياء) الابتعاد عن النزاهة في مراجعة المصادر، وأقوال العلماء، ولو راجعتم كتب التفسير بعين موضوعية