هذه هي حال " كاتبنا " الذي أتى بكلام العلامة الطبرسي (قده) على أنه شاهد لما يرمي إليه وإذا به شاهد عليه.
فقد نقل عنه (قده) قوله في (جوامع الجامع):
" وعنف بأخيه وخليفته على قومه إذ أجراه مجرى نفسه إذا غضب في القبض على شعر رأسه ووجهه ". (1) وهذا كلام صريح من العلامة الطبرسي (قده) في أن موسى (ع) لم يغضب على أخيه هارون (ع) كما صرح بذلك " صاحب من وحي القرآن " الذي ذهب أيضا إلى أن موسى (ع) قد غضب على هارون لأنه: " اعتبره مسؤولا عما حدث من خلل التساهل معهم وعدم ممارسة الضغط الشديد عليهم " (2).
وما ذهب إليه الطبرسي (قده) هو أحد الوجوه التي ذكرها الأعلام في تنزيه موسى (ع) وقد ذهب إليه الطوسي (قده) أيضا كما سترى.
وكذلك السيد المرتضى (علم الهدى) الذي قال:
" ليس فيما حكاه الله تعالى عن فعل موسى (ع) وأخيه عليهما السلام مما يقتضي وقوع معصية ولا قبيح من واحد منهما، وذلك أن موسى (ع) أقبل وهو غضبان على قومه لما أحدثوه بعده مستعظما لفعلهم مفكرا منكرا ما كان منهم، فأخذ برأس أخيه وجره إليه كما يفعل الإنسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب وشدة الفكر. ألا ترى أن المفكر الغضبان قد يعض على شفتيه ويفتل أصابعه، ويقبض على لحيته؟ فأجرى موسى (ع) أخاه هارون مجرى نفسه، لأنه كان أخاه وشريكه، وحريمه، ومن يمسه من الخير والشر ما يمسه، فصنع به ما يصنعه الرجل بنفسه في أحوال الفكر والغضب، وهذه الأمور تختلف أحكامها بالعادات، فيكون ما هو استخفاف في بعضها إكراما في غيرها، ويكون ما هو إكرام في موقع استخفافا في آخر " (3).