وكذلك قوله: " رحلة الإنسان الباحث عن الحق من موقف الشك إلى موقع اليقين ". وهذا نص صريح من صاحب " من وحي القرآن "، بأن إبراهيم (ع) لم يكن صدد محاججة قومه، وإنما كان شاكا في ربه، عابدا للكواكب، وأن ما صدر منه (ع) كان خلال رحلته في طريق الإيمان.
أما النص الثاني الذي ذكره " الكاتب " أيضا من كتاب: " الحوار في القرآن " (صفحة 42)، وكعادته، عمد إلى تقطيع أوصال النص بحذف ذيله الصريح في بيان رأيه، وما يذهب إليه ويتبناه، حيث نقل عنه قوله: " فقد بدأت القضية.. (إلى قوله) تحمل من مظاهر العبادة ما يحملانه.. " (1) وأعرض عن قوله الذي يلي ذلك مباشرة: " وكانت الفكرة تنمو في ذهنه أمام عظمة هذه أو تلك (يقصد الكواكب).. وهكذا استطاع أن يتجاوز هذا الإعتقاد الطارئ السريع، إلى المطلق الذي فطر السماوات والأرض ". (2) ولا أعتقد أن القارئ يحتاج إلى إلفات نظره لقوله: " تنمو الفكرة في ذهنه " وقوله: " يتجاوز هذا الإعتقاد الطارئ السريع ".
فإبراهيم (ع) إذن قد اعتقد بألوهية أو ربوبية الكواكب، وفق رأي صاحب " من وحي القرآن "، لكن هذا الإعتقاد كان طارئا وسريعا.
وقد أعرض " الكاتب " أيضا عن قول صاحبه: " وهكذا استطعنا أن نجد في شخصية إبراهيم من خلال هاتين الصورتين (موقفه من الكواكب، وطلبه من ربه أن يريه كيف يحي الموتى) اللتين يعرضهما القرآن له في حواره المتحرك في طريق الإيمان.. الشخصية الدينية للطرف الآخر الثاني للحوار الذي يريد أن يصل إلى الحق.. " (3).