بل إن الرواية المحال إليها في الفقيه في باب الحكم بالقرعة تشعر أن الاستهام كان لإلهاء الحوت، ودفعه عن السفينة عبر إلقاء أحدهم لنجاة الآخرين مما يصلح كدرس في الإيثار ولا يصلح للبحث في إباق يونس من ربه كما يحاول " الكاتب " إثباته، حيث تقول الرواية (1): " روى حماد بن عيسى عن أبي جعفر (ع) قال: أول من سوهم عليه مريم بنت عمران.. ثم استهموا في يونس (ع) لما ركب مع القوم فوقعت السفينة في اللجة فاستهموا فوقع السهم على يونس (ع) ثلاث مرات قال: فمضى يونس (ع) إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى بنفسه " (2)!!!..
أما قوله تعالى " فكان من المدحضين " والتي جاءت في رواية الكافي، فقد ذكر الطوسي والطبرسي (قده) أقوالا حول معناها، ولكن رأيهما استقر أخيرا على أن المعنى هو: فكان من " الملقين في البحر " فيكون " الدحض " بمعنى السقوط، وقد استدل الطوسي (قده) بقوله تعالى " حجتهم داحضة " أي ساقطة (3) ب - أما رواية أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر (ع) التي جاء فيها: ".. يا قوم إن في سفيتني مطلوبا " وهو قول ملاح السفينة فليس فيها ما يدل أو يلمح إلى ما يسعى " الكاتب " إلى إثباته من أن نبي الله كان فارا من ربه مغاضبا له.
على أن الروايات التي تحدثت عن هذا الموضوع متعارضة ومتضاربة؛ فبعضها يخبر أن الحوت كان يطارد السفينة حتى حبسها عليهم من قدامها، ولم يتركها إلا بعد أن ألقى يونس (ع) نفسه في فمه، وأن الملاح عرف من خلال