ولا يدع الأمر يفضي إلى إقامة الحدود على الناس.
ولأجل ذلك: فإن الإسلام يعتني بإصلاح نفس الإنسان قبل كل شئ ويعمر قلبه بخشية الله عالم الغيب والشهادة العزيز الجبار، ويشعره بمسؤوليته يوم القيامة التي لا يستطيع أن ينجو منها بأي حيلة، وينشئ فيه الميل إلى طاعة الله والرسول، التي هي أول مقتضيات الإيمان، ثم ينبهه ولا يزال ينبهه مرة بعد أخرى على أن الزنا والفحشاء من كبائر الذنوب الموجبة عليه العذاب الأليم في الآخرة.
ثم أن الإسلام - بعد ذلك - يوفر على الإنسان السهولات الممكنة للنكاح ويزيل عن وجهه العقبات: يبيح له العلاقة المشروعة - النكاح - بمثنى وثلاث ورباع - أي إلى أربع من النساء إذا كان لا يقنع بامرأة واحدة - ويهيئ للزوج سهولة لتطليق زوجته، وللزوجة سهولة لمخالفة زوجها إن كان لا يحصل بينهما التوافق، ويفتح أمامهما باب مراجعة الحكمين - أعني حكما من أهله وحكما من أهلها - ومراجعة المحكمة ليحصل بينهما التوافق أو يفترقا ويتزوجا حيث شاءا.
ولك أن تجد بيان جميع هذه الأحكام في سورة البقرة، والنساء والطلاق وتجد أيضا في سورة النور أوفر من كل هذه السور، كيف أن الله سبحانه وتعالى يكره بقاء الرجال والنساء في المجتمع بدون نكاح، فيأمر المسلمين بإنكاحهم، بل يأمرهم أن لا يتركوا حتى العبيد والإماء بغير نكاح.
ثم هو يزيل عن المجتمع البواعث والدواعي التي ترغب الإنسان في الزنا وتهيئ له فرصة لارتكاب هذه الجريمة.
فمن هذا القبيل أنه قد أمر النساء - في سورة الأحزاب - إذا خرجن لحاجة من بيوتهن أن يخرجن ضاربات الخمر على رؤوسهن ونحو رهن وصدورهن