لو وصل الغيث أبنين امرأ * كانت له قبة سحق بجاد (1) قال ابن السكيت: أي لو اتصل الغيث لأبنين امرأ أسحق بجاد بعد أن كانت له قبة، يقول: يغرن عليه فيخربنه فيتخذنها من سحق بجاد بعد أن كانت له قبة.
وقال غيره: يصف الخيل يقول: لو سمنها الغيث بما ينبت لها لأغرت بها على ذوي القباب فأخذت قبابهم حتى يكون البجد (2) له أبنية بعدها.
قال الجوهري: وفي المثل: المعزى تبهي ولا تبني، أي لا تجعل منها الأبنية لأن أبنية العرب طراف وأخبية، فالطراف من آدم، والخباء من صوف أو وبر؛ وبخط أبي سهل: من صوف أو أدم؛ ولا يكون من شعر، انتهى.
وقال غيره: المعنى لا تعطي من الثلة ما يبنى منها بيت.
وقيل: المعنى أنها تخرق البيوت بوثبها عليها ولا تعين على الأبنية، ومعزى الأعراب جرد لا يطول شعرها فيغزل، وأما معزى بلاد الصرد والريف فإنها تكون وافية الشعور، والأكراد يسوون بيوتهم من شعرها.
وبناء الكلمة، بالكسر: لزوم آخرها ضربا واحدا من سكون أو حركة لا لعامل، وكأنهم إنما سموه بناء لأنه لما لزم ضربا واحدا فلم يتغير تغير الإعراب، سمي بناء من حيث كان البناء لازما موضعا لا يزول من مكان إلى غيره، وليس كذلك سائر الآلات المنقولة المبتذلة كالخيمة والمظلة والفسطاط والسرادق ونحو ذلك، وعلى (3) أنه مذ أوقع على هذا الضرب من المستعملات المزالة من مكان إلى مكان لفظ البناء شبها بذلك من حيث كان مسكونا وحاجزا ومظلا بالبناء من الآجر والطين والجص.
ومحمد بن إسحاق المدني الباني، سمع قالون، قاله الذهبي.
* قلت: ومقتضاه أنه فاعل من بنا يبني، وأما إن كان منسوبا إلى البان، اسم لشجرة، كما يفهم ذلك من سياق بعضهم، أو إلى جده بانة فمحله النون كما هو ظاهر.
قال الحافظ: وموسى بن عبد الملك الباني عن إسحاق بن نجيح الملطي، وعنه أحمد بن عيسى الكوفي؛ وعلي بن عبد الرحمان الباني القاضي عن أبي أسلم (4) الكاتب؛ قال الأمير: سمعت منه بمصر وكان ثقة، وقد تقدم شيء من ذلك في النون.
والبنية، كغنية: الكعبة لشرفها إذ هي أشرف مبني. يقال: لا ورب هذه البنية ما كان كذا وكذا. ويقال لها أيضا: بنية إبراهيم لأنه، عليه السلام، بناها وقد كثر قسمهم برب هذه البنية.
وبنى الرجل: اصطنعه؛ قال بعض المولدين:
يبني الرجال وغيره يبني القرى * شتان بين قرى وبين رجال والباني: العروس. وقد بنى على أهله بناء، ككتاب، وبها؛ حكاه ابن جني هكذا معديا بالباء؛ أي زفها.
وفي الصحاح، والعامة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ، قال: وكأن الأصل فيه أن الداخل بأهله كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله بها، فقيل لكل داخل بأهله: بان.
قال شيخنا: قول الجوهري هنا مصادم للأحاديث الصحيحة الواردة عن عائشة وعروة وغيرهما من الصحابة، رضي الله عنهم، وأشار إلى تعقبه الحافظ بن حجر والنووي وصاحب المصباح وغير واحد؛ انتهى.
قلت: وقد ورد بنى بأهله في شعر جران العود قال:
بنيت بها قبل المحاق بليلة * فكان محاقا كله ذلك الشهر (5)