حيث كثر الحذف في كلامهم، ولم يحذفوا لا أبالي لأن الحذف لا يقوى هنا ولا يلزمه حذف، كما أنهم إذ قالوا لم يكن الرجل فكانت في موضع تحرك لم تحذف، وجعلوا الألف تثبت مع الحركة، ألا ترى أنها لا تحذف في أبالي في غير موضع الجزم، وإنما يحذف في الموضع الذي تحذف منه الحركة.
والأبلاء: ع.
وقال ياقوت، اسم بئر.
وقال ابن سيده: وليس في الكلام اسم على أفعال إلا الأنبار والأبواء والأبلاء.
وأبلى، كحبلى: ع بالمدينة بين الأرحضية وقران؛ هكذا ضبطه أبو نعيم وفسره.
وقال عرام: تمضي من المدينة مصعدا إلى مكة فتميل إلى واد يقال له عريفطان، وحذاءه جبال يقال لها أبلى فيها مياه منها بئر معونة وذو ساعدة وذو جماجم والوسبا، وهذه لبني سليم وهي قنان متصلة بعضها ببعض؛ قال فيها الشاعر:
ألا ليت شعري هل تغير بعدنا * أروم فآرام فشابة فالحضر وهل تركت أبلى سواد جبالها * وهل زال بعدي عن قنيته الحجر (1)؟
وبلى: جواب استفهام معقود بالجحد؛ وفي الصحاح: جواب للتحقيق؛ توجب ما يقال لك، لأنها ترك للنفي، وهي حرف لأنها نقيضة لا.
قال سيبويه: ليس بلى ونعم اسمين، انتهى.
وقال الراغب: بلى رد للنفي، نحو قوله تعالى: (وقالوا لن تمسنا النار) (2)، الآية، (بلى من كسب سيئة) (3)؛ وجواب لاستفهام مقترن بنفي نحو: (ألست بربكم؟ قالوا (4): بلى)؛ ونعم يقال في الاستفهام نحو (هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا: نعم) (5)، ولا يقال هنا بلى، فإذا قيل: ما عندي شيء، فقلت بلى، فهو رد لكلامه، فإذا قلت نعم فإقرار منك، انتهى.
وقال الأزهري: إنما صارت بلى تتصل بالجحد لأنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق، فهو بمنزلة بل، وبل سبيلها أن تأتي (6) بعد الجحد كقولك: ما قام أخوك بل أبوك، وإذا قال الرجل للرجل ألا تقوم؟ فقال له: بلى، أراد: بل أقوم، فزادوا الألف على بل ليحسن السكوت عليها، لأنه لو قال بل كان يتوقع كلاما بعد بل، فزادوا الألف ليزول عن المخاطب هذا التوهم.
وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أينما وقعت في جحد أو إيجاب، وبلى يكون إيجابا للنفي لا غير. قال ابن سيده: وقد قيل إن الإمالة جائزة في بلى، فإذا كان ذلك فهو من الياء.
وقال بعض النحويين: إنما جازت الإمالة في بلى لأنها شابهت بتمام الكلام واستقلاله بها وغنائها عما بعدها كالأسماء المستقلة بأنفسها، فمن حيث جازت إمالة الأسماء جازت أيضا إمالة بلى، كما جازت في أي ومتى.
وابلولى العشب: طال واستمكنت منه الإبل.
وقولهم: بذي بلى، كربى، مر ذكره في اللام، وكذا بقية لغاتها.
* ومما يستدرك عليه:
جمع البلية البلايا، قال الجوهري: صرفوا فعائل إلى فعالى، كما قيل في إداوة؛ وهي أيضا جمع البلية للناقة المذكورة؛ قال أبو زبيد:
كالبلايا رؤوسها في الولايا * ما نجاة السموم حر الخدود (7)