فأوجع الجنب وأعر الظهرا * أو يبلي الله يمينا صبرا (1) فهو لازم متعد.
وابتلي: استحلف واستعرف؛ قال الشاعر:
تبغي أباها في الرفاق وتبتلي * وأودى به في لجة البحر تمسح (2) أي تسألهم أن يحلفوا لها، وتقول لهم: ناشدتكم الله هل تعرفون لأبي خبرا؟
* وقال أبو سعيد: تبتلي هنا تختبر؛ والابتلاء: الاختبار بيمين كان أو غيرها؛ وقال آخر:
تسائل أسماء الرفاق وتبتلي * ومن دون ما يهوين باب وحاجب (3) ويقال: ما أباليه بالة وبلاء، بالكسر والمد، وبالا ومبالاة.
قال ابن دريد: البلاء هو أن يقول لا أبالي ما صنعت مبالاة وبلاء، وليس هو من بلي الثوب.
وفي كلام الحسن: لم يبالهم الله بالة.
وقولهم: ما أباليه، أي ما أكترث له.
قال شيخنا: وقد صححوا أنه يتعدى بالباء أيضا كما قاله البدر الدماميني في حواشي المغني، انتهى.
أي يقال: ما باليت به، أي لم أكترث به؛ وبهما روي الحديث: وتبقى حثالة لا يباليهم الله بالة؛ وفي رواية: " لا يبالي بهم بالة ".
ولكن صرح الزمخشري في الأساس: أن الأولى أفصح، وفسر المبالاة هنا بعدم الإكتراث؛ ومر له في الثاء تفسيره بعدم المبالاة، والأكثر في استعمالهما لازمين للنفي، والمعنى: لا يرفع لهم قدرا ولا يقيم لهم وزنا.
وجاء في الحديث: هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي.
وحكى الأزهري عن جماعة من العلماء أن معناه لا أكره.
قال الزمخشري: وقيل لا أباليه: قلب لا أباوله من البال أي لا أخطره ببالي ولا ألقي إليه بالا.
قال شيخنا: وبالة قيل: اسم مصدر، وقيل: مصدر كالمبالاة؛ كذا في التوشيح.
* قلت: ومر عن ابن دريد ما يشير إلى أنه مصدر؛ قال ابن أحمر:
* وشوقا لا يبالي العين بالا (4) * وقالوا: لم أبال ولم أبل، حذفوا الألف تخفيفا لكثرة الاستعمال، كما حذفوا الياء من قولهم لا أدر، وكذلك يفعلون في المصدر فيقولون ما أباليه بالة، والأصل بالية، مثل عافاه الله عافية، حذفوا الياء منها بناء على قولهم لم أبل، وليس من باب الطاعة والجابة والطاقة؛ كذا في الصحاح.
قال ابن بري: لم تحذف الألف من قولهم: لم أبل تخفيفا، وإنما حذفت لالتقاء الساكنين.
وفي المحكم: قال سيبويه: وسألت الخليل عن قولهم لم أبل فقال: هي من باليت، ولكنهم لما أسكنوا اللام حذفوا الألف لئلا يلتقي ساكنان، وإنما فعلوا ذلك بالجزم لأنه موضع حذف، فلما حذفوا الياء، التي هي من نفس الحرف بعد اللام، صارت عندهم بمنزلة نون يكن حيث أسكنت، فإسكان اللام هنا بمنزلة حذف النون من يكن، وإنما فعلوا هذا بهذين حيث كثر في كلامهم حذف النون والحركات، وذلك نحو مذ ولد، وإنما الأصل منذ ولدن، وهذا من الشواذ وليس مما يقاس عليه، وزعم أن ناسا من العرب قالوا: لم أبل، بكسر اللام، لا يزيدون على حذف الألف كما حذفوا علبطا،