فاجرة، مثل قولهم ملحفة جديد؛ عن الأخفش، كما في الصحاح؛ وأم مريم حرة لا محالة. ولذاك عم ثعلب بالبغاء فقال: بغت المرأة، فلم يخص أمة ولا حرة، والجمع البغايا؛ وأنشد الجوهري للأعشى:
يهب الجلة الجراجر كالبس * تان تحنو لدردق أطفال والبغايا يركضن أكسية الإض * ريج والشرعبي ذا الأذيال (1) أراد: ويهب البغايا لأن الحرة لا توهب، ثم كثر في كلامهم حتى عموا به الفواجر، إماءكن أو حرائر، وبغى عليه يبغي بغيا: علا وظلم.
وأيضا: عدا عن الحق واستطال.
وقال الفراء في قوله تعالى: (والإثم والبغي بغير (3) الحق): إن البغي الإستطالة على الناس.
وقال الأزهري: معناه الكبر؛ وقيل: هو الظلم والفساد.
وقال الراغب: البغي على ضربين: أحدهما محمود وهو تجاوز العدل إلى الإحسان والفرض إلى التطوع؛ والثاني: مذموم وهو تجاوز الحق إلى الباطل، أو تجاوزه إلى الشبه، ولذلك قال الله تعالى: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق) (4)، فخص العقوبة بمن يبغيه بغير الحق، قال: والبغي في أكثر المواضع مذموم.
قال الأزهري: وأما قوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) (5) فقيل: غير باغ أكلها تلذذا، وقيل: غير طالب مجاوزة قدر حاجته، وقيل: غير باغ على الإمام.
وقال الراغب: أي غير طالب ما ليس له طلبه.
قال الأزهري: ومعنى البغي قصد الفساد.
وفلان يبغي على الناس: إذا ظلمهم وطلب أذاهم.
وقال الجوهري: كل مجاوزة وإفراط على المقدار، الذي هو حد الشيء، بغي.
وقال شيخنا: قالوا إن بغي من المشترك وتفرقته بالمصادر بغى الشيء إذا طلبه وأحبه بغية وبغية وبغى إذا ظلم بغيا، بالفتح، وهو الوارد في القرآن. وبغت الأمة زنت بغاء، بالكسر والمد كما في القرآن، وجعل المصنف البغاء من باغت غير موافق عليه، انتهى.
* قلت: في سياقه قصور من جهات: الأولى: أن بغى بمعنى طلب مصدره البغاء، بالضم والمد على الفصيح.
ويقال: بغي وبغى، بالكسر والضم مقصوران، وأما البغية والبغية فهما اسمان إلا على قول ثعلب كما تقدم. والثانية: أنه أهمل مصدر بغى الضالة بغاية، بالضم، عن الأصمعي؛ وبغاء، كغراب عن غيره، والثالثة: أن بغاء بالكسر والمد مصدر لبغت وباغت، كما صرح به ابن خالويه.
وبغى يبغي بغيا: كذب؛ وبه فسر قوله تعالى: (يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا) (6)، أي ما نكذب وما نظلم فما على هذا جحد، ويجوز أن يكون ما نطلب، فما على هذا استفهام.
وبغى في مشيته بغيا: اختال وأسرع.
وفي الصحاح: البغي اختيال ومرح في الفرس؛ قال الخليل: ولا يقال فرس باغ، انتهى.
وقال غيره: البغي في عدو الفرس: اختيال ومرح. بغى يبغي بغيا: مرح واختال، وإنه ليبغي في عدوه.
وبغى الشيء بغيا: نظر إليه كيف هو وكذلك بغا بغوا يائية وواية عن كراع