وأيهات وهيهاه وهيهات فهذه خمس لغات.
وقال أبو عمرو بن العلاء: إذا وصلت هيهات فدع التاء على حالها، وإذا وقفت فقل هيهات هيهاه.
وقال سيبويه: من كسر التاء فهي بمنزلة عرقات، تقول استأصل الله عرقاتهم، فمن كسر التاء جعلها جمعا واحدها عرقة، وهيهة، ومن نصب التاء جعلها كلمة واحدة.
وذكر ابن الأنباري فيها سبع لغات، قال: فمن قال هيهات بفتح التاء بغير تنوين شبه التاء بالهاء، ونصبها على مذهب الأداة، ومن قال هيهاتا بالتنوين شبه بقوله: (فقليلا ما يؤمنون) (1)، أي فقليلا إيمانهم، ومن قال هيهات شبه بحذام وقطام، ومن قال هيهات بالتنوين شبه بالأصوات كقولهم: غاق وطاق، ومن قال هيهات لك بالرفع ذهب بها إلى الوصف فقال هي أداة والأدوات معرفة، ومن رفعها ونون شبه التاء بتاء الجمع.
قال: والمستعمل منها عاليا الفتح بلا تنوين.
وقال الفراء: نصب هيهات بمنزلة نصب ربت وثمت، والأصل ربه وثمه؛ قال: ومن كسر التاء لم يجعلها هاء تأنيث؛ وجعلها بمنزلة دراك وقطام.
وقال ابن جني: كان أبو علي يقول في هيهات أنا أفتي مرة بكونها اسما سمي به الفعل كصه ومه، وأفتي مرة بكونها ظرفا على قدر ما يحضرني في الحال، وقال مرة أخرى إنها وإن كانت ظرفا فغير ممتنع أن تكون مع ذلك اسما سمي به الفعل كعندك ودونك.
وهي كلمة معناها البعد لقولك: ومنه قوله تعالى: (هيهات هيهات لما توعدون) (2)، هذا إذا أدخل اللام بعده، كما قاله سيبويه.
وإذا لم تدخل فهي كلمة تبعيد. يقال: هيهات ما قلت؛ ومنه قول جرير السابق.
وفي كتاب المحتسب لابن جني: قرأ أبو جعفر الثقفي: هيهات هيهات، بكسر التاء غير منونة، وقرأ عيسى بن عمر بالتنوين، وقرأ أبو حيوة: هيهات هيهات رفع منون، وقرأ عيسى الهمداني هيهات هيهات مرسلة التاء.
ورويت عن أبي عمرو: أما الفتح وهو قراءة العامة فعلى أنه واحد وهو اسم سمي به الفعل في الخبر، وهو اسم بعد كما أن شتان اسم افترق وأوتاه اسم أتألم.
ومن كسر فقال: هيهات منونا أو غير منون، فهو جمع هيهات، وأصله هيهيات إلا أنه حذف الألف لأنها في آخر اسم غير متمكن.
ومن نون ذهب إلى التنكير أي بعدا؛ ومن لم ينون ذهب إلى التعريف أراد البعد البعد؛ ومن فتح وقف بالهاء لأنها كهاء أرطاة وسعلاة، ومن كسر كتبها بالتاء لأنها جماعة والكسرة في الجماعة بمنزلة الفتحة في الواحد، ومن قال: هيهاة هيهاة فإنه يكتبها بالهاء لأن أكثر القراءة هيهات بالفتح والفتح يدل على الإفراد؛ غير أن من رفع فقال هيهاة فإنه يحتمل أمرين: أحدهما أن يكون أخلصها اسما معربا فيه معنى البعد ولم يجعله اسما للفعل فيبنيه كما بنى الناس غيره؛ وقوله: (لما توعدون) خبر عنه فكأنه قال: البعد لوعدكم؛ والآخر أن تكون مبنية على الضم كما بنيت نحن عليه، ثم اعتقد فيه التنكير فلحقه التنوين.
وأما هيهات هيهات ساكنة التاء فينبغي أن تكون جماعة وتكتب بالتاء وذلك أنها لو كانت هاء كهاء علقاة وسماناة للزم في الوقوف عليها أن يلفظ بالهاء كما يوقف مع الفتح فيقال هيهاه هيهاه، فبقاء التاء في الوقف مع السكون دليل على أنها تاء، وإذا كانت تاء فهي للجماعة.
قال شيخنا: ذكرها المصنف هنا بناء على أنها من باب سلس عنده على أن الألف والفوقية زائدتان. وأما على ما اختاره الرضي وغيره فموضعها فصل الهاء من باب الفوقية ولم يتعرض له المصنف بل لم يعرفه فيما أظن.