قال: والمعروف أسك. والسكاكة: الهواء الملاقي (1) عنان السماء وقيل: هو الهواء بين السماء والأرض، وكذلك للوح كالسكاك كغراب، ومنه قولهم: لا أفعل ذلك ولو نزوت في السكاك وفي حديث الصبية المفقودة: قالت: فحملني على خافية من خوافيه، ثم دوم بي في السكاك. وجمع السكاكة سكائك، كذؤابة وذوائب، ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: " ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشق الأرجاء وسكائك الهواء ". وقال أبو زيد: السكاكة: المشتبه برأيه الذي يمضي رأيه ولا يشاور أحدا ولا يبالي كيف وقع رأيه والجمع سكاكات، ولا يكسر.
والسكة، بالكسر: حديدة منقوشة كتب عليها يضرب عليها الدراهم ومنه الحديث: " أنه نهي عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس " أراد بها الدرهم والدينار المضروبين، سمى كل واحد منهما سكة؛ لأنه طبع بالحديدة المعلمة له. والسكة: السطر المصطف من الشجر والنخيل، ومنه الحديث: " خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة المأبورة: المصلحة الملقحة من النخل، والمأمورة: الكثيرة النتاج والنسل. وسكة الحراث: حديدة الفدان وهي التي يحرث بها الأرض، ومنه الحديث: ما دخلت السكة دار قوم إلا ذلوا " وفيه إشارة إلى ما يلقاه أصحاب المزارع من عسف السلطان وإيجابه عليهم بالمطالبات، وما ينالهم من الذل عند تغير الأحوال بعده صلى الله عليه وسلم، وقريب من هذا الحديث الحديث الآخر: " العزفي نواصي الخيل والذل في أذناب البقر " وقد ذكرت السكة في ثلاثة أحاديث بثلاثة معان مختلفة. ومن المجاز: السكة: الطريق المستوي من الأزقة، سميت لاصطفاف الدور فيها، على التشبيه بالسكة من النخل، قال الشماخ:
حنت على سكة الساري تجاوبها * حمامة من حمام ذات أطواق (2) والسكي بالكسر: الدينار وبه فسر قول الأعشى السابق. ويقال: ضربوا بيوتهم سكاكا، بالكسر، أي: صفا واحدا عن ثعلب، ويقال بالشين المعجمة، عن ابن الأعرابي. ويقال: أخذ الأمر وأدركه بسكته أي: في حين إمكانه. وسكاء، كزباء: قال الراعي يصف إبلا له:
فلا ردها ربي إلى مرج راهط * ولا أصبحت تمشي بسكاء في وحل (3) والسكسكة: الضعف عن ابن سيده. وأيضا: الشجاعة نقله الصاغاني عن ابن الأعرابي. والسكاسك: حي باليمن، جدهم القيل سكسك بن أشرس بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد، واسم سكسك حميس، وهو أخو السكون وحاشد ومالك بني أشرس (4) أو جدهم السكاسك بن وائلة، أو هذا وهم والصواب الأول. قلت: والذي حققه ابن الجواني النسابة وغيره من الأئمة على الصحيح أنهما قبيلتان، فالأولى: من كندة، والثانية من حمير، وهم بنو زيد بن وائلة بن حمير، ولقب زيد السكاسك، وهي غير سكاسك كندة والنسبة سكسكي وكلاهما باليمن، وقد وهم المصنف في جعلهما واحدا، فتأمل. ومن المجاز استك النبت استكاكا: التف واستد خصاصه، وقال الأصمعي: استكت الرياض: التفت، قال الطرماح يصف عيرا (5):
صنتع الحاجبين خرطه البق * ل بديئا قبل استكاك الرياض (6) ومن المجاز: استكت المسامع أي: صمت وضاقت، ومنه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه " أنه وضع يديه على أذنيه وقال: استكتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثل بمثل " وقال النابغة الذبياني:
وخبرت خير الناسأنك لمتنى * وتلك التي تستك منها المسامع (7)