إليها يدلك عينيه فكأنما هي الدالكة، قاله الزمخشري، وأنشد الجوهري:
هذا مقام قدمى رباح * ذبب حتى دلكت براح (1) قال قطرب: براح، مثل قطام: اسم للشمس، وقال الفراء: براح جمع راحة، وهي الكف، يقول: يضع كفه على عينيه ينظر هل غربت الشمس؟ وهذا القول نقله الفراء عن العرب، قال الأزهري: وروي ذلك عن ابن مسعود، قال ابن بري: ويقوي أن دلوك الشمس غروبها قول ذي الرمة:
مصابيح ليست باللواتي يقودها * نجوم ولا بالآفلات الدوالك (2) وروي عن ابن الأعرابي في قوله: دلكت براح، أي استريح منها. أو: دلكت دلوكا: إذا اصفرت ومالت للغروب. أو مالت للزوال حتى كاد (3) الناظر يحتاج إذا تبصرها أن يكسر الشعاع عن بصره براحته. وروي عن نافع عن ابن عمر قال: دلوكها: ميلها بعد نصف النهار. أو زالت عن كبد السماء وقت الظهر، رواه جابر عن ابن عباس رضي الله عنهم، نقله الفراء، وهو أيضا قول الزجاج، وقال الشاعر:
ما تدلك الشمس إلا حذو منكبه * في حومة دونها الهامات والقصر (4) قال الأزهري: والقول عندي أن دلوك الشمس زوالها نصف النهار؛ لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس، وهو قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) (6) الآية، والمعنى والله أعلم: أقم الصلاة يا محمد، أي أدمها من وقت زوال الشمس إلى غسق الليل، فيدخل فيها الأولى والعصر وصلاتا غسق الليل، وهما العشاءان، فهذه أربع صلوات، والخامسة قوله: " وقرآن الفجر " والمعنى: وأقم صلاة الفجر، فهذه خمس صلوات فرضها الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته، وإذا جعلت الدلوك: الغروب كان الأمر في هذه الآية مقصورا على ثلاث صلوات، فإن قيل: ما معنى الدلوك في كلام العرب؟ قيل: الدلوك: الزوال، ولذلك قيل للشمس إذا زالت نصف النهار: دالكة، وقيل لها إذا أفلت: دالكة؛ لأنها في الحالتين زائلة. وفي نوادر الأعراب: دمكت الشمس ودلكت، وعلت واعتلت: كل هذا ارتفاعها، فتأمل. والدليك كأمير: تراب تسفيه الرياح نقله الجوهري. والدليك: طعام يتخذ من الزبد واللبن، أو من زبد وتمر (7) كالثريد، قال الجوهري: وأنا أظنه الذي يقال له بالفارسية: جنكال خست. وقال الزمخشري: أطعمنا من التمر الدليك، وهو المريس. والدليك: نبات واحدته دليكة. والدليك أيضا: ثمر الورد الأحمر يخلفه يحمر كأنه البسر وينضج ويحلو كأنه رطب، ويعرف بالشام بصرم الديك والواحدة دليكة أو هو الورد الجبلي كأنه البسر كبرا وحمرة وكالرطب حلاوة ولذة يتهادى به باليمن قال الأزهري: هكذا سمعته من أعرابي من أهل اليمن، قال: وينبت عندنا غياضا. ومن المجاز: رجل دليك: حنيك قد مارس الأمور وعرفها دلك كعنق عن ابن الأعرابي. وتدلك به أي بالشيء: إذا تخلق به. الدلوك كصبور: ما يتدلك به البدن عند الاغتسال من طيب أو غيره من الغسولات كالعدس والأشنان، كالسحور لما يتسحر به، والفطور لما يفطر عليه، وفي الحديث: كتب عمر إلى خالد بن الوليد رضي الله عنهما: بلغني أنك دخلت الحمام بالشام، وأن من بها من الأعاجم أعدوا لك دلوكا عجن بخمر، وإني أظنكم آل المغيرة ذرء النار. ويطلق الدلوك أيضا على النورة؛ لأنه يدلك به الجسد في الحمام، كما في الأساس.
والدلاكة كثمامة: ما حلب قبل الفيقة الأولى وقبل أن تجتمع الفيقة الثانية. ومن المجاز: فرس مدلوك: أي مدكوك وهي التي لا إشراف لحجبتها، كأنها دلكت، فهي ملساء مستوية، ومنه قول أعرابي يصف فرسا: المدلوك الحجبة، الضخم الأرنبة ويقال: فرس مدلوك الحرقفة: إذا كان مستويا. ومن المجاز: رجل مدلوك: ألح عليه في