سيده: وقد يجوز أن يكون من باب إنقحل في القلة، قال: والذي روي عن أبي (1) العباس أقيس، وقول السيرافي: إنه رخم ضرورة؛ إذ لم يرد إلا في الشعر. قلت: وشاهد مكرم قول الشاعر أنشده ابن بري:
ليوم روع أو فعال مكرم (2) وشاهد معون قول جميل، أنشده ابن بري:
بثين الزمي لا إن لا إن لزمته * على كثرة الواشين أي معون (3) فتحقق بذلك أنهما إنما رخما لضرورة شعر، وأما القراءة المذكورة فقد نقلها الجوهري في ي س ر، ونقل عن الأخفش أنه قال: غير جائز، لأنه ليس في الكلام مفعل بغير الهاء، وأما مكرم ومعون فإنهما جمع مكرمة ومعونة، وبهذا يظهر أن ما نقله كراع من الحصر وقلده المصنف صحيح بالنسبة، وإن كان الحق مع سيبويه في قوله: ليس في الكلام مفعل فإن جميع ما ورد على وزنه إنما هو في أصله الهاء، وما أدق نظر الجوهري حيث قال: وكذلك المألك والمألكة، بضم اللام منهما (4)، ولم يتعرض لقول كراع، إشارة إلى أن أصله المألكة مرخم منه، وليس ببناء على الأصل، فتأمل ذلك وأنصف. وقيل: الملك واحد الملائكة مشتق منه، وأصله مألك ثم قلبت الهمزة إلى موضع اللام فقيل ملأك، وعليه قول الشاعر:
أيها القاتلون ظلما حسينا * أبشروا بالعذاب والتنكيل كل أهل السماء يدعو عليكم * من نبي وملأك ورسول (5) ثم خففت الهمزة بأن ألقيت حركتها على الساكن الذي قبلها فقيل: ملك، وقد يستعمل متمما، والحذف أكثر، ونظير البيت الذي تقدم أيضا قول الشاعر:
فلست لإنسي ولكن لملأك * تنزل من جو السماء يصوب (6) والجمع ملائكة، دخلت فيها الهاء لا لعجمة ولا لنسب، ولكن على حد دخولها في القشاعمة والصياقلة، وقد قالوا: الملائك، وقال ابن السكيت: هي المألكة والملأكة على القلب، والملائكة جمع ملأكة، ثم ترك الهمز، فقيل: ملك في الوحدان، وأصله ملأك، كما ترى، وسيأتي شيء من ذلك في م ل ك.
وقال ابن عباد: قد يكون الألوك: الرسول. قال: والمألوك: المألوق وهو المجنون، الكاف بدل عن القاف. ويقال: جاء فلان إلى فلان وقد استألك مألكته، أي: حمل رسالته. ويقال أيضا: استلأك كما سيأتي.
* ومما يستدرك عليه: ألكه يألكه ألكا: أبلغه الألوك، عن كراع. وألك بين القوم: إذا ترسل.
وقال ابن الأنباري: يقال: ألكني إلى فلان، يراد به أرسلني، وللاثنين ألكاني، وألكوني، وألكيني وألكنني والأصل في ألكني ألئكني، فحولت كسرة الهمزة إلى اللام، وأسقطت الهمزة، وأنشد:
ألكني إليها فخير الرسو * ل أعلمهم بنواحي الخبر (7) وقال: ومن بني على الألوك قال: أصل ألكني أألكني، فحذفت الهمزة الثانية تخفيفا. وأنشد:
ألكني يا عيين إليك قولا (8) قال الأزهري: ألكني: ألك لي، وقال ابن الأنباري: ألكني (9)، أي: كن رسولي إليه، وقال غيره: أصل ألكني: أألكني، أخرت الهمزة بعد اللام وخففت بنقل حركتها على ما قبلها وحذفها، يقال: ألكني إليها برسالة، وكان مقتضى هذا