كسف. أو معناه الثريا إذا سقطت، روى ذلك، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، لكثرة الطواعين والأسقام عند سقوطها وارتفاعها عند طلوعها، لما ورد في الحديث: إذا طلع النجم ارتفعت العاهات. قال السهيلي، وابن العربي، وقال الإمام ترجمان القرآن الحبر ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من المفسرين: أي من شر الذكر إذا قام وهو غريب، وتقدم للمصنف في " و ق ب " نقله عن الإمام أبي حامد الغزالي، وغيره كالإمام التيفاشي، وجماعة عن ابن عباس.
ومجموع ما ذكر هنا من الأقوال في الغاسق ثلاثة: الليل، والثريا، والذكر. وسبق له أولا تفسيره بمعنى القمر أيضا كما أشرنا إليه، وهو المفهوم من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها. وقيل: الشمس إذا غربت، أو النهار إذا دخل في الليل، أو الأسود من الحيات. ووقبه: ضربه، أو انقلابه، أو إبليس، ووقبه: وسوسته، نقله ابن جزي عن السهيلي، فصار الجميع ثمانية أقوال، وقد سردناها في و ق ب فراجعه، فإن المصنف قد ذكر بعض الأقوال هنا وأعرض عن بعض، وذكر هناك بعضها وأعرض عن بعض مع تكراره في القول الغريب المحكي عن ابن عباس، فتأمل.
والغسوق بالضم والإغساق: الإظلام، وقد غسق الليل غسوقا، وأغسق، وهذا فيه تكرار، غير أنه لم يذكر في مصادر غسق الليل الغسوق، وقد ذكره الزمخشري وغيره. وأما الإغساق فقد تقدم عن ثعلب، وأنه لغة بني تميم.
والغساق، كسحاب، وشداد: ما يغسق من جلود أهل النار من الصديد والقيح، أي: يسيل ويقطر. وقيل: من غسالتهم. وقيل: من دموعهم. وفي التنزيل: (هذا فليذوقوه حميم وغساق) (1). قرأه أبو عمرو بالتخفيف وقرأه الكسائي بالتشديد. ثقلها يحيى بن وثاب، وعامة أصحاب عبد الله، وخففها الناس بعد. واختار أبو حاتم التخفيف. وقرأ حفص وحمزة والكسائي. وغساق بالتشديد، ومثله في: (عم يتساءلون) (2). وقرأ الباقون: وغساقا خفيفا في السورتين (3). وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قرآ بالتشديد، وفسراه بالزمهرير.
وقيل: إذا شددت السين فالمراد به ما يقطر من الصديد، وإذا خففت فهو البارد الشديد البرد الذي يحرق من برده كإحراق الحميم.
وقال الليث: الغساق: المنتن، ودل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا ".
وأغسق: إذا دخل في الغسق أي: في أول الظلمة. ومنه حديث عامر بن فهيرة: " فكان يروح بالغنم عليهما مغسقا أي: في الغار ".
وأغسق المؤذن: إذا أخر المغرب إلى غسق الليل كأبرد بالظهر. وفي حديث الربيع بن خثيم " أنه قال لمؤذنه يوم (4) الغيم: أغسق أغسق أي: أخر المغرب حتى يغسق الليل، وهو إظلامه. وقال ابن الأثير: لم نسمع ذلك في غير هذا الحديث.
* ومما يستدرك عليه:
الغاسق: البارد.
والأسود من الحيات.
وإبليس.
والغساق كالغاسق، وكلاهما صفة غالبه.
والغسيقات: الشديدات الحمرة، وبه فسر السكري قول أبي صخر الهذلي:
هجان فلا في اللون شام يشينه * ولا مهق يغشى الغسيقات مغرب (5) وقال صاحب المفردات في تفسير قوله تعالى: (ومن شر غاسق إذا وقب) عبارة عن النائبة بالليل كالطارق. ويزاد هذا على ما ذكر، فتصير الوجوه تسعة.