ويلبي إبراهيم، ويستجيب إلى أمر الله، دون أن يسأل عن السبب، ودون أن يبرمه أمر كهذا، وحتى دون أن يتحير في ذلك، لأنه واثق بحسن ما يختاره له ربه، وبصلاح ما يأمره به.
يستجيب لهذا الامر، ولا يندفع إلى تنفيذه بسرعة وبدون أن يعلم ولده بهذا الامر، ليريح أعصابه، ويستريح من هذا الكابوس، الامر الذي يخفي وراءه شيئا من الضعف والوهن، بل هو يخبر ولده بالامر، ويطلب منه أن يتخذ هو نفسه أيضا القرار الحاسم في الاستسلام لذلك أو عدمه وذلك يدل على ثقته بحسن اختيار ولده. ويدل على أنه كان يحترم فيه كبر عقله، وسداد رأيه، ولا يعتبره طفلا لا يمكن أن توكل إليه أية مسؤلية.
وطبيعي أيضا: أن يكون توجه إسماعيل لذلك، وأن يتخذ هو نفسه القرار في ذلك بقوله: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. مما يزيد في الام أبيه.
وإسماعيل.. الذي أراد أبوه أن ينيله أجر الطاعة، ويتذوق حلاوة التسليم، لم يكن منه إلا التسليم لأمر الله سبحانه، والانصياع له بثقة ورضا ولكنه لا يعتبر هذا التسليم والرضا شجاعة وبطولة منه، وإنما يعتبره خضوعا لمشيئة الله تعالى ويرى: أن صبره مستمد منه، ومنته إليه، ولذلك عبر الله تعالى عن حالتهما هذه بقوله: (فلما أسلما)، فهما قد أسلما لله تعالى، وليس لغيره من الشهوات، ولا للغرائز، ولم تقيدهما القيود المادية، ولا الدنيوية في شئ (1).
ولذلك فإن إبراهيم وولده هما ممن يكون الله أحب إليه من كل شئ مما نصت عليه الآية الكريمة التي تقول: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها، وتجارة