عنها، بل وحتى عن شبر واحد منها، فمحبة الوطن تنشأ غالبا من محبة الأرض، ومحبة الأرض تنشأ (عموما) من الشعور بأنها تعطيه كل مقومات الحياة، وبأنها تحفظ له استمرار بقائه ووجوده، بالشكل المرضي له، والمقبول عنده.
ب: وكان في اليمن أيضا حكومة مركزية مهيمنة تفرض النظام والقانون، وتهتم بإشاعة الطمأنينة، والامن والسلام.
وإذا كان الانسان يشعر بالأمن، ويعيش في ظل القانون، ولا يتخوف من أي عدو يتربص به الغوائل، فإنه يجد الفرصة للتفكير في تغيير الوضع الحياتي الذي يعيشه، إلى وضع أفضل وأكمل.
ج: ثم تتاح الفرصة لامال وتطلعات هذا الانسان للتعبير عن نفسها، وفرض وجودها، فتدفعه إلى بذل المحاولة. والتصرف فيما تناله قدراته في توجيهه في هذا السبيل.
د: ثم يأتي دور الأهم والأقوى تأثيرا في النهضة، ألا وهو النظام الأكمل والاشمل والأصلح، الذي يستطيع أن يبني الانسان من الداخل، ويحافظ عليه من الخارج، ويزيل من طريقه كل العقبات، التي يمكن أن تعترض سبيل تقدمه، ولتنمو، وتتكامل في ظل ذلك النظام - من ثم - ملكات هذا الانسان، وخصائصه، ولتجد طاقاته وامكاناته الفرصة للتأثير في عملية التغيير للحاضر الذي يعيشه، والتخطيط الصحيح والسليم للمستقبل الذي يقدم عليه.
فإذا توفرت كل تلك العناصر لاية أمة، فإنها ولا شك سوف تكون قادرة على أن تبني حضارة، وتصنع لنفسها مستقبلا مغريا وزاهرا ومجيدا.
وقد كانت كل تلك العناصر متوفرة في منطقة اليمن، باستثناء العنصر الأخير منها. وكان فقدانها له بالذات هو السبب في أنها لم تستطع أن تفيد شيئا من تلك القدرات والامكانات التي توفرت لها، ولا يحدثنا