مطيعا، بل اعتبار هذا القدر (١) محل الكلام، لحكم كثير منهم بعدم قدح نية الافطار إذا لم يفطر وجدد النية بعدها.
ولعل مما ذكرنا يظهر الجواب عما يقال: من أن التكليف بالأمر المركب يستدعي كون كل جزء منه مقدورا، فما لم يقدر على بعض أجزائه لم يحسن التكليف بهذا المركب، لأن مقتضى عدم القدرة على هذا البعض عدم كون تركه الموجب لترك المركب سببا للعقاب، ومقتضى التكليف بالمركب استحقاق العقاب على تركه.
وإذا عرض الاغماء في الأثناء زال قدرته على الامساك في هذا الجزء، فلا يحس تكليفه بالصوم - الذي هو عبارة عن الامساك في مجموع النهار -.
فمن علم الله سبحانه بأنه يغمى (عليه) (٢) في أثناء النهار، فليس مكلفا بالصوم في متن الواقع - بناء على قبح الأمر مع علم الآمر بانتفاء الشرط - وإن وجب عليه في الظاهر - قبل حصول الاغماء - الامساك عن المفطرات، إلا أن عروضه كاشف عن عدم وجوبه.
توضيح الجواب (٣) - على وجه لا يبقى مع شك وارتياب - أن قوله تعالى:
﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾ (4) خطاب عام، ومعناه:، أنه يجب عليكم أيها البالغون العاقلون الملتفتون إلى توجه الخطاب أن تمسكوا عن الأمور المخصوصة طول اليوم، فإذا عرضنا هذا التكليف على العقل - الذي هو الحاكم بوجوب إطاعة الله سبحانه - وجدناه حاكما بأنه يجب عليكم أن لا ترتكبوا عمدا شيئا مما وجب امساكه عليكم فإذا فعلتم ذلك فقد أطعتم الله وامتثلتم