وربما ينسب إلى المحقق رحمه الله أنه مع العلم بأنه متى رئي (1) في بلد يعلم أنه مع ارتفاع الموانع يجب أن يرى في البلد الآخر، كانت الرؤية فيه رؤية لذلك الآخر (2) وأما إذا تباعدت البلدان (3) تباعدا يزول معه هذا العلم (4) فإنه لا يجب أن يحكم لها بحكم واحد في الأدلة، لأن تساوي عروضها لا يعلم إلا من أصحاب الأرصاد وأرباب النجوم، وهو طريق غير معلوم.
والظاهر من التباعد - في هذا الكلام - هو من حيث المسافة ليجامع تساوي العروض وعدمه، والمراد بالتباعد على التفسير (5) أن يحصل اختلاف العروض الموجب لاختلاف المطالع.
للقول الأول: إطلاق ما دل من الأخبار على أنه إذا ثبت الرؤية في بلد وجب على من لم يثبت الرؤية عندهم قضاء ذلك اليوم، مثل مصححة هشام - في من صام تسعا وعشرين - " قال: إن كان له بينة عادلة على أهل مصر، أنهم صاموا ثلاثين على رؤية (6) قضى يوما " (7).
ونحوها محسنة أبي بصير - في قضاء يوم الشك - " قال: لا تقضه إلا أن يشهد شاهدان عدلان - من جميع المسلمين - أنه متى كان رأس الشهر، وقال:
لا تصم ذلك اليوم إلا أن يقضي أهل الأمصار، فإن فعلوا فصمه " (8).