فان قائل هذا البيت قاله والزمان زمان والاخوان اخوان وحسن العشرة سلطان ولكني أقول: واني لمشتاق إلى ظل:
رجل يوازنك المودة جاهدا * يعطي ويأخذ منك بالميزان فإذا رأى رجحان حبة خردل * مالت مودته مع الرجحان وقد كان الناس يقترحون الفضل فأصبحنا نقترح العدل والى الله المشتكى لا منه ذكر الشيخ سيدي أيده الله حديث الاستقبال وكيف يستقبل من انقض علينا انقضاض العقاب الكاسر ووقع بيننا وقوع السهم العاثر وتكليف المرء ما لا يطيق يجوز على مذهب الأشعري وقد زاد سيدي على أستاذه الأشعري فان أستاذه كلف العاجز ما لا يطيق مع عجزه عنه وسيدي كلف الجاهل علم الغيب مع الاستحالة منه والمنزل بما فيه قد عرضته عليه ولو أطقت حمله لحملته إليه والشوق الذي ذكره سيدي فعندي منه الكثير الكبير وعنده منه الصغير اليسير وأكثرنا شوقا أقلنا عتابا وأليننا خطابا ولو أراد سيدي ان أصدق دعواه في سوقه إلي ليغض من حجم عتبه علي فإنما اللفظ زائد واللحظ وارد فإذا رق اللفظ دق اللحظ وإذا صدق الحب ضاق العتاب والعتب:
فبالخير لا بالشر فارج مودتي * وأي امرئ يقتال منه الترهب عتاب سيدي قبيح لكنه حسن وكلامه لين لكنه خشن أما قبحه فلأنه عاتب بريئا ونسب إلى الإساءة من لم يكن مسيئا وأما حسنه فلألفاظه الغرر ومعانيه التي هي كالدرر فهي كالدنيا ظاهرها يغر وباطنها يضر وكالمرعى على دمن الثرى منظره بهي ومخبره وبي ولو شاء سيدي نظم الحسن والاحسان وجمع بين صواب الفعل واللسان:
يا بديع القول حاشى * لك من هجو بديع وبحسن القول عوذتك * من سوء الصنيع لا يعب بعضك بعضا * كن مليحا في الجميع رقعة أخرى للبديع إلى الخوارزمي انا وان كنت مقصرا في موجبات الفضل من حضور مجلس الأستاذ سيدي فما أفري الا جلدي ولا أبخس الا حظي ومع ذاك فما أعمر أوقاتي الا بمدحه حرس الله فضله نعم وقد رددت كتاب الأوراق للصولي وتطاولت لكتاب البيان والتبيين للجاحظ وللأستاذ سيدي في الفضل والتفضل به رأيه.
وقال البديع في رسائله: واتفق ان السيد أبا علي نشط للجمع بيني وبينه فدعاني فأجبت وكتب يستدعيه فاعتذر فقلت لا ولا كرامة للدهر ان نقعد تحت حكمه وكاتبته انا أشحذ عزيمته على البدار وألوي رأيه عن الاعتذار وأعرفه ما في ذلك من ظنون تشتبه وتهم تتجه وقدنا إليه مركوبا لنكون قد ألزمناه الحجة فجاءنا في طبقة أف وعدد تف:
كل بغيض قدره إصبع * وأنفه خمسة أشبار وقمنا له واليه. وفي معجم الأدباء: حدث أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي صاحب وشاح الدمية وقد ذكر أبا بكر الخوارزمي فقال:
وقد رمي بحجر البديع الهمذاني في سنة 383 وأعان البديع الهمذاني قوم من وجوه نيسابور كانوا مستوحشين من أبي بكر فجمع السيد نقيب السيادة بنيسابور أبو علي بينهما واراده على الزيارة وداره بأعلى ملقباذ فترفع فبعث إليه السيد مركوبه فحضر أبو بكر مع جماعة من تلامذته فقال له البديع انما دعوناك لتملأ المجلس فوائد وتذكر الأبيات الشوارد ونناجيك فنسعد بما عندك وتسألنا فتسر بما عندنا ونبدأ بالفن الذي ملكت زمامه وطار به صيتك وهو الحفظ ان شئت والنظم ان أردت والنثر ان اخترت والبديهة ان نشطت فهذه دعواك التي تملأ منها فاك فأحجم الخوارزمي عن الحفظ لكبر سنه ولم يجل في النثر قداحا وقال أبادهك فقال البديع الامر أمرك يا أستاذ فقال له الخوارزمي أقول لك ما قال موسى للسحرة قال بل ألقوا فقال البديع وذكر الأبيات الكافية الآتية الا انه اورد منها ثلاثة أبيات فقط.
وفي الرسائل فمال إلى السيد أبي الحسين يسأله بيتا ليجيز فقلت يا هذا انا أكفيك وتناولت جزءا فيه أشعاره وقلت لمن حضر هذا شعر أبي بكر الذي كد به طبعه وأسهر له جفنه وهو ثلاثون بيتا وسأقرن كل بيت بوفقة بحيث أصيب أغراضه ولا أعيد ألفاظه وشريطتي ان لا أقطع النفس فان تهيا لواحد ممن حضر ان يميز قوله من قولي فله يد السبق فقال أبو بكر ما الذي يؤمننا أن تكون نظمت من قبل ما تريد انشاده الآن فقلت اقترح لكل بيت قافية لا أسوقه الا إليها مثل ان تقول حشر فأقول بيتا آخره حشر ثم عشر فانظم بيتا قافيته عشر وهلم جرا فابى أبو بكر ان يشاركنا في هذا العنان ومال إلى السيد أبي الحسين يسأله بيتا ليجيز فتبعنا رأيه وأعمل كل منا لسانه وفمه واخذ دواته وقلمه وأجزنا البيت الذي قاله إذ قلنا ولم يذكر البيت المجاز فقال البديع:
هذا الأديب على تعسف فتكه * وبروكه عند القريض ببركه متسرع في كل ما يعتاده * من نظمه متباطئ عن تركه والشعر أبعد مذهبا ومصاعدا * من أن يكون مطيعه في فكه والنظم بحر والخواطر معبر * فانظر إلى بحر القريض وفلكه فمتى توانى في القريض مقصر * عرضت إذن الامتحان بعركه هذا الشريف على تقدم بيته * في المكرمات ورفعه في سمكه قد رام مني ان أقارن مثله * وأنا القرين السوء أن لم انكه وإذا نظمت قصمت ظهر مناظري * وحطمت جارحة القرين بدكه أصغوا إلى الشعر الذي نظمته * كالدر رصع في مجرة سلكه فمتى عجزت عن القرين بديهة * فدمي الحرام له إراقة سفكه وقال أبو بكر أبياتا جهدنا به ان يخرجها فلم يفعل دون ان طواها وجعل يعركها ويفركها وكره أن تكون الهرة أعقل منه لأنها تحدث فتغطى ثم بسط يمينه للبديهة دون ان يكتب فقال الشريف انسجا على منوال المتنبي حيث يقول:
ارق على أرق ومثلي يارق * وجوى يزيد وعبرة تترقرق فابتدر أبو بكر أيده الله إلى الإجازة ولم يزل إلى الغايات سباقا فقال:
وإذا بدهت بديهة يا سيدي * فأراك عند بديهتي تتقلق وإذا قرضت الشعر في ميدانه * لا شك أنك يا أخي تتشقق اني إذا قلت البديهة قلتها * عجلا وطبعك عند طبعي يرفق ما لي أراك ولست مثلي عندها * متموها بالترهات تمحزق اني أجيز على البديهة بالذي * تريانه وإذا نطقت أصدق لو كنت من صخر أصم لهاله * مني البديهة واغتدى يتفلق لو كنت ليثا في البديهة خادرا * لرؤيت يا مسكين مني تفرق وبديهة قد قلتها متنفسا * فعل الذي قد قلت يا ذا الأخرق