مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٦٣
وبالصورة الواحدة، وبالأجل الواحد الذي لا مبدل له.
فالعربي سيف، والسيف عربي، وهما منذ الأزل العربي كائن واحد، لا يصلح هذا بغير ذا ولا ذا بغير هذا. وان مجرد القول ب هذا وذاك يعني المباعدة التي لا تقبل.
وإنها لحقيقة تاريخية مؤكدة أن العرب حينما وكلما نسوا وتناسوا معنى القوة في هذه المطابقة بين العربي وسيفه، كان السقوط مصيرهم المداهم.
ففترة الازدهار العربي هي فترة تطبيق المقولة التي جلجل بها الشاعر الشريف ابن الشريف. أما فترات الانحطاط، والانهيار، فهي التي افترق فيها العربي عن سيفه، في تياه الغفلة.
أما: ماذا قالت القصيدة قبل أن تصل إلى حكمة البيت المذكور، فذلك ما يعنيه التدرج العزيز لمرقى الحب المفجوع الذي يبتدئ بقوة حكمة المطلع، فتأتي الأبيات المتلاحقة وكأنها مطالع وخواتيم زاهرة ومضربة حيثما تواصلت مظنة العبقرية للشاعر الملهوف الذي وضعه العز الطرب والخذلان مثل زيت يحترق:
لأي حبيب يحسن الرأي والود * وأكثر هذا الناس ليس له عهد أرى ذمي الأيام ما لا يضرها * فهل دافع عني نوائبها الحمد وما هذه الدنيا لنا بمطيعة * وليس لخلق من مداراتها بد تحوز المعالي والعبيد لعاجز * ويخدم فيها نفسه البطل الفرد أكل غريب لي بعيد بوده * وكل صديق بين أضلعه حقد ولله قلب لا يبل غليله * وصال ولا يلهيه عن خله وعد يكلفني أن أطلب العز بالمنى * وأين العلى إن لم يساعدني الجد أحن وما أهواه رمح وصارم * وسابغة زغف وذو ميعة نهد وليس فتى من عاق عن حمل سيفه * أسار وحلاه عن الطلب القد إذا كان لا يمضي الحسام بنفسه * فللضارب الماضي بقائمه الحد وحولي من هذا الأنام عصابة * توددها يخفى وأضغانها تبدو يسر الفتى دهر وقد كان ساءه * وتخدمه الأيام وهو لها عبد ولا مال إلا ما كسبت بنيله * ثناء ولا مال لمن لا له مجد وما العيش إلا أن تصاحب فتية * طواعن لا يعنيهم النحس والسعد إذا طربوا يوما إلى العز شمروا * وإن ندبوا يوما إلى غارة جدوا وكم لي في يوم الثوية رقدة * يضاجعني فيها المهند والغمد ولو شاء رمحي سد كل ثنية * تطالعني فيها المغاوير والجرد ألا ليت شعري هل تبلغني المنى * وتلقى بي الأعداء أحصنة جرد جواد وقد سد الغبار فروجها * تروح إلى طعن القبائل أو تغدو خفاف على إثر الطريدة في الفلا * إذا ماجت الرمضاء واختلط الطرد كان نجوم الليل تحت سروجها * تهاوى على الظلماء والليل مسود يعيد عليها الطعن كل ابن همة * كان دم الأعداء في فمه شهد يضارب حتى ما لصارمه قوى * ويطعن حتى ما لذابله جهد تقرب لا مستحقبا غير قوته * ولا قائلا إلا لما يهب المجد ولا خائفا إلا جريرة رمحه * ولا طالبا إلا الذي تطلب الأسد إذا عربي لم يكن مثل سيفه * مضاء على الأعداء أنكره الجد ويأخذ التصعيد مداه في البيت الأخير، ويلحقه بصورة ثانية:
وما ضاق عنه كل شرق ومغرب * من الأرض إلا ضاق عن نفسه الجلد ثم يبدأ ذكر الاحباط، وترتد الصور الشعرية إلى الحزن الشخصي، والغربة التي لا تفارق:
إذا قل مال المرء قل صديقه * وفارقه ذاك التحنن والود وأصبح يغضي الطرف عن كل منظر * أنيق ويلهيه التغرب والبعد فما لي وللأيام أرضى بجورها * وتعلم أني لا جبان ولا وغد تغاضي عيون الناس عني مهابة * كما تتقي شمس الضحى الأعين الرمد فائدة: المال مادة الشهوات إن قضية الخلافة التي سيرت الشريف الرضي في دروب الاغتراب، والاحباطات القوية، تختلف من حيث المطالبة بها أو الاعتقاد بالحق فيها من راغب إلى طالب، ومن شخص إلى آخر. فهي قد تكون لدى البعض نمطا من شهوة السلطة التي تحرك المطالبة بها بقوة الدوافع والتطلعات السياسية الذاتية، وهي في الغالب تجمع عدة شهوات ورغبات تسلطية وتملكية متعددة، تكون بؤرتها الكبرى والأساسية شهوة السلطة، والرغبة بالامارة، وترافقها شهوة تملك المال والثروات المادية بأنواعها لكي تخدم الأموال والأملاك مشروع الامارة، وتجسد الرغبات الذاتية السرطانية المتمثلة في الاحتياز والسيطرة وتملك الرقاب والأموال على حدي سواء.
وبلا شك إن الموقف من المال يعكس إلى درجة كبيرة الطبيعة السياسية والأخلاقية لدعاة السلطة، والامارة. لأن فهم فائدة المال ومكانته وحدوده يكشف عن طبيعة الشخص ومواقفه، وآرائه، ونوع علاقاته بالبشر وبالحياة.
وبتعبير عام إن الأفكار التي تتعلق بالمال وسبل اقتنائه وزيادته، وسبل استخدامه وتوظيفه أصبحت تشكل منذ القدم نظرية محددة. لذلك حفلت الكتب المقدسة وأحاديث الأنبياء والمصلحين بمفاهيم وتحليلات وتعليمات عديدة حول المال.
والخلافة في فكر وتطلب الشريف الرضي، رغم تكتمه الشديد في موضوع المناداة بها، ورغم أنها أخذت أسلوب التورية أكثر من الافصاح، هي أقرب إلى الرسالة منها إلى رغبة الحكم، وذلك لأنها متجردة إلى حد بعيد من شهوة السلطة. ويدعم الرأي المذكور موقف الشريف الرضي من المال والمنافع المادية، وهو موقف تعلن عنه قصائده في العديد من المرات، مما يوحي بوجود رؤية محددة ثابتة للشريف الرضي في هذا الخصوص. وتتوحد مع الرؤية ممارسة تطبيقية تعلن عن تجرد الشريف الرضي من كثير من الشهوات التسلطية والتملكية، النابغة حكما من أنانية مفرطة التضخم و العدوانية.
وتستلهم أفكار الشريف الرضي، الواردة في شعره، عن المال، الكثير من أفكار علي بن أبي طالب، إن لم تكن كلها في هذا الميدان.
وتأخذ حكمة علي بن أبي طالب القائلة: من ملك استأثر مكانة مهمة
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370