مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٥٨
ما مقامي على الجداول أرجوها * لنيل وقد رأيت البحارا وكان يشدد على نفسه الحساب، عند ما يتذكر علو رسالته، وقداسة هدفه. وإذا ما كانت للشريف الرضي في الشعر صبوات هائلة لكونه شاعرا عظيما، فان مطالب رسالته السياسية كانت أهم لديه من الشعر، بل إنه أخبر عن أنه قال الشعر ذريعة إلى أمل كبير، ما إن يتحقق حتى يهجر الشعر:
وما قولي الأشعار إلا ذريعة * إلى أمل قد آن قود جنيبه وإني إذا ما بلغ الله غاية * ضمنت له هجر القريض وحوبه وإن يستصغر أحيانا حرفة الشعر، بسبب قداسة رسالته، وطموحه الديني والسياسي الكبير فيقول:
وما الشعر فخري ولكنما * أطول به همة الفاخر أنزهه عن لقاء الرجال * وأجعله تحفة الزائر فما يتهدى إليه الملوك * إلا من المثل السائر وإني وإن كنت من أهله * لتنكرني حرفة الشاعر وكذلك قال:
ما لك ترضى أن يقال شاعر * بعدا لها من عدد الفضائل كفاك ما أورق من أغصانه * وطال من أعلامه الأطاول فكم تكون ناظما وقائلا * وأنت غب القول غير فاعل ولم يعلن فقط اعتذاره عن حرفة الشعر واستعداده لهجر نظم القصائد، وهو شاعر الحب والهوى لأن شعاره هو:
من يعشق العز لا يرنو لغانية * في رونق الصفو ما يغني عن الكدر وهو في انتمائه لقضيته الكبرى، كان يشدد على حاجته إلى الحزم، والحزم يستبعد الهوى:
أضعت الهوى حفظا لحزمي وإنما * يصان الهوى في قلب من ضاع حزمه ترى، أية قضية تلك التي تتمحور حولها أفكار وأشعار الشريف الرضي، والتي يدور حولها مسار حياته؟ أية قضية تلك التي يعلن أن الشعر والحب دونها بكثير، وأنه مستعد للأضراب عن الشعر والحب من أجل تحققها؟.
هل هي المنصب الذي يتولى من خلاله تأدية مسؤولية معينة، في زمن البويهيين الذين استمالوا عددا من الشعراء والكتاب واستوزروهم أو قلدوهم بعض المناصب العالية؟.
في الواقع كان للشريف الرضي منصبه المرموق فقد شغل منصب نقابة الطالبيين، ونظر في المظالم، وحج بالناس مرارا، وأنه تسلم هذه الأعمال في أوقات مختلفة نائبا عن والده أبي أحمد الموسوي أو مستقلا بالمنصب.
أما إمارة الحج فكانت هي الأخرى من المناصب التي تدل على نفوذ الشريف الرضي وقوة شخصيته، فقد كانت تحتاج إلى رجل يفرض زعامته وهيبته واحترامه على جمهور المسلمين، ويستطيع حمايتهم في صحراء واسعة يبتعدون فيها عن مركز السلطة، ويتعرضون لمخاطر الغزو والسلب، وقد حج الشريف بالناس مرارا، وخالط البدو، وعاش حياة الصحراء، وعانى متاعبها ومخاطرها، فاثرت في نفسه، وحمل منها ذكريات.
ففي سنة 389 ه حج الشريف بركب العراق مع أخيه المرتضى واعتقلهما ابن الجراح فافتديا نفسيهما بتسعة آلاف دينار.
وفي سنة 396 ه تولى نقابة الطالبيين بالعراق، وذكر البعض أنه تقلد النقابة وإمارة الحج، ولكن في السنة التي تلت.
أما في سنة 403 ه فقد قلد الشريف نقابة الطالبيين في سائر الممالك، وقرئ تقليده في دار الوزير فخر الملك، وخلع عليه السواد، وقيل إنه أول طالبي يخلع عليه السواد.
ولم يكن الشريف الرضي يرى في النقابة هدفه النهائي، غير أنه كان يراها حقا موروثا، فقال:
قل للعدا موتوا * بغيظكم فان الغيظ مردي ودعوا علي أحرزتها * يا وادعين بطول جهد كم بين أيديكم * وبين النجم من قرب وبعد ولي النقابة خال أمي * قبل ثم أبي وجدي وليتها طفلا فهل * مجد يعدد مثل مجدي وأظن نفسي سوف تحملني * على الأمر الأشد حتى أرى متملكا * شرق العلى والغرب وحدي وفي قصيدة أخرى يرد فيها على قلق بعض أعدائه من تقلده النقابة، أفصح فيها عن هدفه الأكبر فقال:
قلق العدو وقد حظيت برتبة * تعلو عن النظراء والأمثال لو كنت أقنع بالنقابة وحدها * لغضضت حين بلغتها آمالي لكن لي نفسا تتوق إلى التي * ما بعد أعلاها مقام عال إن الشاعر الهادر الذي ينطوي صدره على شرف رفيع وكرامة عظيمة، كان يعرف مقامه جيدا، وكان يسير في الزمن وكأنه يخفي مقامه الحقيقي عنه، لأنه متوجه نحو غايته الكبرى، ورسالته التي لا يستطيع نسيانها.
فقال:
تعرفني بأنفسها الليالي * وآنف أن أعرفها مكاني لكن مكانه ليس في منصب، أو وظيفة، بل في العلى الذي لم يكن بالنسبة إليه ترجمة عادية للتباهي، بل كان العلى بمعنى قيادة السلطة، فقد كان الرضي يرى نفسه جديرا بالخلافة.
وفي غالبية شعر الشريف يبدو ذلك الاحساس الغامر الذي يستولي عليه، وهو الاحساس بأنه منذور للسلطة، ومهيا لدور قيادي عظيم، لا بد أن يأتي حينه.
ومنذ حداثته عبر عن ذلك، لا بالتلميح، بل بالجهر المدوي:
ستعلمون ما يكون مني * إن مد من ضبعي طول سني أأدع الدنيا ولم تدعني * يلعب بي عناؤها المعني ناطحة بالجم عام القرن * نطاح روق الجازئ الأغن وسعت أيامي ولم تسعني * أفضل عنها وتضيق عني ولي مضاء قط لم يخني * ضمير قلبي وضمير جفني
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370