ركب المعتز إلى دار العامة وعقد لبغا ووصيف على أعمالهما ورد ديوان البريد كما كان قبل إلى موسى بن بغا الكبير فقبل موسى ذلك * وفى شهر رمضان من هذه السنة كانت وقعة بين جند بغداد وأصحاب محمد بن عبد الله بن طاهر ورئيس الجند يومئذ ابن الخليل وكان السبب في ذلك فيما ذكر أن المعتز كتب إلى محمد بن عبد الله في بيع غلة طساسيج ضياع بادوريا وقطربل ومسكن وغيرها كل كرين بالمعدل بخمسة وثلاثين دينارا من غلة سنة 252 وكان المعتز ولى بريد بغداد رجلا يقال له صالح بن الهيثم وكان أخوه منقطعا إلى أتامش أيام المتوكل فارتفع أمر صالح هذا أيام المستعين وكان ممن أقام بسامرا وهو من أهل المخرم وكان أبوه حائكا ثم صار يبيع الغزل ثم انتقل أخوه إليه لما ارتفع فلما أقام ببغداد كتب إليه يؤمر أن يقرأ الكتاب على قواد أهل بغداد كعتاب بن عتاب ومحمد بن يحيى الواثقي ومحمد بن هرثمة ومحمد بن رجاء وشعيب بن عجيف ونظرائهم فقرأه عليهم فصاروا إلى محمد بن عبد الله في أخبروه فأمر محمد بن عبد الله فأحضر صالح بن الهيثم وقال ما حملك على هذا بغير علمي وتهدده وأسمعه وقال للقواد انتظروا حتى أرى رأيي وآمركم بما أعزم عليه فانصرفوا من عنده على ذلك وشخص بعد ذلك واجتمع الفروض والشاكرية والنائبة إلى باب محمد بن عبد الله يطلبون أرزاقهم لعشر خلون من شهر رمضان فأخبرهم أن كتاب الخليفة ورد عليه جواب كتاب له كان كتب بمسألة أرزاق جند بغداد إن كنت فرضت الفروض لنفسك فاعطهم أرزاقهم وإن كنت فرضت لنا فلا حاجة لنا فيهم فلما ورد الكتاب عليه أخرج لهم بعد شغبهم بيوم ألفى دينار فوضعت لهم ثم سكنوا ثم اجتمعوا لاحدى عشرة خلت من شهر رمضان ومعهم الاعلام والطبول وضربوا المضارب والخيم على باب حرب وباب الشماسية وغيرهما وبنوا بيوتا من بواري وقصب وباتوا ليلتهم فلما أصبحوا كثر جمعهم وبيت ابن طاهر قوما من خاصته في داره وأعطاهم درهما درهما فلما أصبحوا مضوا من داره إلى المشغبة فصاروا معهم فجمع ابن طاهر جنده القادمين معه من خراسان وأعطاهم لشهرين وأعطى جند بغداد القدماء الفارس دينارين
(٥٠٠)