والنشاب ولم يجد جعلان إلى لقائه سبيلا لضيق الموضع بما فيه من النخل والدغل عن مجال الخيل وأصحابه أكثرهم فرسان * فذكر عن محمد بن الحسن أن صاحب الزنج قال لما طال مقام جعلان في خندقه رأيت أن أخفى له من أصحابي جماعة يأخذون عليه مسالك الخندق ويبيتونه فيه ففعل ذلك وبيته في خندقه فقتل جماعة من رجاله وريع الباقون روعا شديدا فترك جعلان عسكره ذلك وانصرف إلى البصرة وقد كان الزينبي قبل بيات الخبيث جعلان جمع مقاتلة البلالية والسعدية ثم وجه لهم من ناحية نهر نافذ وناحية هزاردر فواقعوه من وجهين ولقيهم الزنج فلم يثبتوا لهم وقهرهم الزنج فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وانصرفوا مفلولين وانحاز جعلان إلى البصرة فأقام بها وظهر عجزه للسلطان (وفيها) صرف جعلان عن حرب الخبيث وأمر سعيد الحاجب بالشخوص إليها لحربه (وفيها) تحول صاحب الزنج من السبخة التي كان ينزلها إلى الجانب الغربي من النهر المعروف بأبي الخصيب (وفيها) أخذ صاحب الزنج فيما ذكر أربعة وعشرين مركبا من مراكب البحر كانت اجتمعت تريد البصرة فلما انتهى إلى أصحابها خبره وخبر من معه من الزنج وقطعهم السبيل اجتمعت آراؤهم على أن يشدوا مراكبهم بعضها إلى بعض حتى تصير كالجزيرة يتصل أولها بآخرها ثم يسيروا بها في دجلة فاتصل به خبرها فندب إليها أصحابه وحرضهم عليها وقال لهم هذه الغنيمة الباردة قال أبو الحسن فسمعت صاحب الزنج يقول لما بلغني قرب المراكب منى نهضت للصلاة وأخذت في الدعاء والتضرع فخوطبت بأن قيل لي قد أطلك فتح عظيم والتفت فلم ألبث أن طلعت المراكب فنهض أصحابي إليها في الجريبيات فلم يلبثوا أن حووها وقتلوا مقاتلتها وسبوا ما فيها من الرقيق وغنموا منها أموالا عظاما لا تحصى ولا ؟ قدرها فأنهب ذلك أصحابه ثلاثة أيام ثم أمر بما بقى فحيز له (ولخمس بقين) من رجب من هذه السنة دخل الزنج الأبلة فقتلوا بها خلقا كثيرا وأحرقوها * ذكر الخبر عنها وعن سبب الوصول إليها * ذكر أن صاحب الزنج لما تنحى جعلان عن خندقه بشاطئ عثمان الذي كان فيه وانحاز إلى البصرة ألح بالسرايا على أهل الأبلة فجعل يحاربهم من ناحية شاطئ
(٥٩٥)