الجارية ثم ما كان من أمر القدح والله ما أظن أمرى إلا وقد قرب فقلت يطيل الله عمرك ويعز ملكك ويديم لك ويكبت عدوك فما استتم الكلام حتى سمعنا صوتا من دجلة قضى الامر الذي فيه تستفتيان فقال يا إبراهيم ما سمعت ما سمعت قلت لا والله ما سمعت شيئا وقد كنت سمعت قال تسمع حسا قال فدنوت من الشط فلم أر شيئا ثم عاودنا الحديث فعاد الصوت قضى الامر الذي فيه تستفتيان فوثب من مجلسه ذلك مغتما ثم ركب فرجع إلى موضعه بالمدينة فما كان بعد هذا إلا ليلة أو ليلتان حتى حدث ما حدث من قتله وذلك يوم الأحد لست أو لأربع خلون من صفر سنة 198 وذكر عن أبي الحسن المدائني قال لما كان ليلة الجمعة لسبع بقين من المحرم سنة 198 دخل محمد بن هارون مدينة السلام هاربا من القصر الذي كان يقال له الخلد مما كان يصل إليه من حجارة المنجنيق وأمر بمجالسه وبسطه أن تحرق فأحرقت ثم صار إلى المدينة وذلك لأربع عشرة شهرا منذ ثارت الحرب مع طاهر إلا اثنى عشر يوما (وفى هذه السنة) قتل محمد بن هارون * ذكر الخبر عن مقتله * ذكر عن محمد بن عيسى الجلودي أنه قال لما صار محمد إلى المدينة وقر فيها وعلم قواده أنه ليس لهم ولا له فيها عدة للحصار وخافوا أن يظفر بهم دخل على محمد حاتم بن الصقر ومحمد بن إبراهيم بن الأغلب الإفريقي وقواده فقالوا قد آلت حالك وحالنا إلى ما ترى وقد رأينا رأيا نعرضه عليك فانظر فيه واعتزم عليه فانا نرجو أن يكون صوابا ويجعل الله فيه الخيرة إن شاء الله قال ما هو قالوا قد تفرق عنك الناس وأحاط بك عدوك من كل جانب وقد بقى من خيلك معك ألف فرس من خيارها وجيادها فنرى أن نختار من قد عرفناه بمحبتك من الأبناء سبعمائة رجل فنحملهم على هذه الخيل ونخرج ليلا على باب من هذه الأبواب فان الليل لأهله ولن يثبت لنا أحد إن شاء الله فنخرج حتى نلحق بالجزيرة والشأم فتفرض الفروض وتجبى الخراج وتصير في مملكة واسعة وملك جديد فيسارع إليك الناس وينقطع عن طلبك الجنود وإلى ذاك ما قد أحدث الله عز وجل في
(٧٦)