قاضى القضاة أن يؤذن له في حضور الفداء وأن يستخلف رجلا يقوم مقامه فأذن له وأمر له بمائة وخمسين ألفا معونة وأرزاق ستين ألفا فاستخلف ابن أبي الشوارب وهو يومئذ فتى حدث السن وخرج فلحق شنيفا وخرج أهل بغداد من أوساط الناس فذكر أن الفداء وقع من بلاد الروم على نهر اللامس يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال سنة 241 فكان أسرى المسلمين سبعمائة وخمسة وثمانين إنسانا ومن النساء مائة وخمس وعشرين امرأة (وفى هذه السنة) جعل المتوكل كورة شمشاط عشرا ونقلهم من الخراج إلى العشر وأخرج لهم بذلك كتابا (وفى هذه السنة) غارت البجة على حرس من أرض مصر فوجه المتوكل لحربهم محمد بن عبد الله القمي * ذكر الخبر عن أمرهم وما آلت إليه حالهم * ذكر أن البجة كانت لا تغزو المسلمين ولا يغزوهم المسلمون لهدنة بينهم قديمة قد ذكرنا فيما مضى قبل من كتابنا هذا وهم جنس من أجناس الحبش بالمغرب وبالمغرب من السودان البجة والنوبة وأهل غانة الغافر وبينور ورعوين والفروية ويكسوم ومكاره أكرم والخمس وفى بلاد البجة معادن ذهب فهم يقاسمون من يعمل فيها ويؤدون إلى عمال السلطان من مصر في كل سنة عن معادنهم أربعمائة مثقال تبر قبل أن يطبخ ويصفى فلما كان أيام المتوكل امتنعت البجة عن أداء ذلك الخراج سنين متوالية فذكر أن المتوكل ولى بريد مصر رجلا من خدمه يقال له يعقوب بن إبراهيم الباذغيسي مولى الهادي وهو المعروف بقوصرة وجعل إليه بريد مصر والإسكندرية وبرقة ونواحي المغرب فكتب يعقوب إلى المتوكل أن البجة قد نقضت العهد الذي كان بينها وبين المسلمين وخرجت من بلادها إلى معادن الذهب والجوهر وهى على التخوم فيما بين أرض مصر وبلاد البجة فقتلوا عدة من المسلمين ممن كان يعمل في المعادن ويستخرج الذهب والجوهر وسبوا عدة من ذراريهم ونسائهم وذكروا أن المعادن لهم في بلادهم وأنهم لا يأذنون للمسلمين في دخولها وأن ذلك أوحش جميع من كان يعمل في المعادن من المسلمين فانصرفوا عنها خوفا على أنفسهم وذراريهم
(٣٧٧)