إنا نعوذ بك من الخذلان ثم التفت إلى صاحب ساقته فقال خل سبيل الناس فإني أرى جندا لاخير عندهم فركب بعضهم بعضا نحو بغداد فنزل طاهر المدائن وقدم منها قريش بن شبل والعباس بن بخاراخذاه إلى الدرزيجان وأحمد بن سعيد الحرشي ونصر بن منصور بن نصر بن مالك معسكران بنهر ديالى فمنعا أصحاب البرمكي من الجواز إلى بغداد وتقدم طاهر حتى صار إلى الدرزيجان حيال أحمد ونصر بن منصور فسير إليهما الرجال فلم يجر بينهما كثير قتال حتى انهزموا وأخذ طاهر ذات اليسار إلى نهر صرصر فعقد بها جسرا ونزلها (وفى هذه السنة) خلع داود بن عيسى عامل مكة والمدينة محمدا وهو عامله يومئذ عليهما وبايع للمأمون وأخذ البيعة بهما على الناس له وكتب بذلك إلى طاهر والمأمون ثم خرج بنفسه إلى المأمون * ذكر الخبر عن ذلك وكيف جرى الامر فيه * ذكر أن الأمين لما أفضت الخلافة إليه بعث إلى مكة والمدينة داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وعزل عامل الرشيد على مكة وكان عامله عليها محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي وكان إليه الصلاة بها وأحداثها والقضاء بين أهلها فعزل محمد عن ذلك كله بداود بن عيسى سوى القضاء فإنه أقره على القضاء فأقام داود واليا على مكة والمدينة لمحمد وأقام للناس أيضا الحج سنة ثلاث وأربع وخمس وتسعين ومائة فلما دخلت سنة 196 بلغه خلع عبد الله المأمون أخاه وما كان فعل طاهر بقواد محمد وقد كان محمد كتب إلى داود بن عيسى يأمره بخلع عبد الله المأمون والبيعة لابنه موسى وبعث محمد إلى الكتابين اللذين كان الرشيد كتبهما وعلقهما في الكعبة فأخذهما فلما فعل ذلك جمع داود حجبة الكعبة والقرشيين والفقهاء ومن كان شهد على ما في الكتابين من الشهود وكان داود أحدهم فقال داود قد علمتم ما أخذ علينا وعليكم الرشيد من العهد والميثاق عند بيت الله الحرام حين بايعنا لابنيه لتكونن مع المظلوم منهما على الظالم ومع المبغى عليه على الباغي ومع المغدور به على الغادر
(٤٤)