والأنصار عدد صالح وحازت بنو سليم الكراع والسلاح والثياب وغلظ أمر بنى سليم فاستباحت القرى والمناهل فيما بينها وبين مكة والمدينة حتى لم يمكن أحدا أن يسلك ذلك الطريق وتطرقوا من يليهم من قبائل العرب فوجه إليهم الواثق بغا الكبير أبا موسى التركي في الشاكرية والأتراك والمغاربة فقدمها بغا في شعبان سنة 230 وشخص إلى حرة بنى سليم لأيام بقين من شعبان وعلى مقدمته طردوش التركي فلقيهم ببعض مياه الحرة وكانت الوقعة بشق الحرة من وراء السوارقية وهى قريتهم التي كانوا يأوون إليها والسوارقية حصون وكان جل من لقيه منهم بنو عوف قيهم عزيزة بن قطاب والأشهب وهما رأسا القواد يومئذ فقتل بغا منهم نحوا من خمسين رجلا وأسر مثلهم فانهزم الباقون وانكشف بنو سليم لذلك ودعاهم بغا بعد الوقعة إلى الأمان على حكم أمير المؤمنين الواثق وأقام بالسوارقية فأتوه واجتمعوا إليه وجمعهم من عشرة واثنين وخمسة وواحد وأخذ من جمعت السوارقية من غير بنى سليم من أفناء الناس وهربت خفاف بنى سليم إلا أقلها وهى التي كانت تؤذى الناس وتطرق الطريق وجل من صار في يده ممن ثبت من بنى عوف كان آخر من أخذ منهم من بنى حبشي من بنى سليم فاحتبس عنده من وصف بالشر والفساد وهم زهاء ألف رجل وخلى سبيل سائرهم ثم رحل عن السوارقية بمن صار في يده من أسارى بنى سليم ومستأمنيهم إلى المدينة في ذي القعدة سنة 230 فحبسهم فيها في الدار المعروفة بيزيد بن معاوية ثم شخص إلى مكة حاجا في ذي الحجة فلما انقضى الموسم انصرف إلى ذات عرق ووجه إلى بنى هلال من عرض عليهم مثل الذي عرض على بنى سليم فأقبلوا فأخذ من مردتهم وعتاتهم نحوا من ثلثمائة رجل وخلى سائرهم ورجع من ذات عرق وهى على مرحلة من البستان بينها وبين مكة مرحلتان (وفى هذه السنة) مات أبو العباس عبد الله ابن طاهر بنيسابور يوم الاثنين لاحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول بعد موت اشناس التركي بتسعة أيام ومات عبد الله بن طاهر واليه الحرب والشرطة والسواد وخراسان وأعمالها والري وطبرستان وما يتصل بها وكرمان
(٣٢٣)