يجوزوا من يوم فعلوا بالمعتز ما فعلوا وذلك يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء لليلة بقيت من رجب * فذكر أنه لما خلع دفع إلى من يعذبه ومنع الطعام والشراب ثلاثة أيام فطلب حسوة من ماء البئر فمنعوه ثم جصصوا سردابا بالجص الثخين ثم أدخلوه فيه وأطبقوا عليه بابه فأصبح ميتا وكانت وفاته لليلتين خلتا من شعبان من هذه السنة فلما مات أشهد على موته بنو هاشم والقواد وأنه صحيح لا أثر فيه فدفن مع المنتصر في ناحية قصر الصوامع فكانت خلافته من يوم بويع له بسامرا إلى أن خلع أربع سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما وكان عمره كله أربعا وعشرين سنة وكان أبيض أسود الشعر كثيفة حسن العينين والوجه ضيق الجبين أحمر الوجنتين حسن الجسم طويلا وكان مولده بسامرا * خلافة ابن الواثق المهتدى بالله * وفى يوم الأربعاء لليلة بقيت من رجب من هذه السنة بويع محمد بن الواثق فسمى بالمهتدى بالله وكان يكنى أبا عبد الله وأمه رومية وكانت تسمى قرب * وذكر عن بعض من كان شاهدا أمرهم أن محمد بن الواثق لم يقبل بيعة أحد حتى أتى بالمعتز فخلع نفسه وأخبر عن عجزه عن القيام بما أسند إليه ورغبته في تسليمها إلى محمد بن الواثق وأن المعتز مد يده فبايع محمد بن الواثق فسموه بالمهتدى ثم تنحى وبايع خاصة الموالى وكانت نسخة الرقعة بخلع المعتز نفسه (بسم الله الرحمن الرحيم) هذا ما أشهد عليه الشهود المسمون في هذا الكتاب شهدوا أن أبا عبد الله ابن أمير المؤمنين المتوكل على الله أقر عندهم وأشهدهم على نفسه في صحة من عقله وجواز من أمره طائعا غير مكره أنه نظر فيما كان تقلده من أمر الخلافة والقيام بأمور المسلمين فرأى أنه لا يصلح لذلك ولا يكمل له وأنه عاجز عن القيام بما يجب عليه منها ضعيف عن ذلك فأخرج نفسه وتبرأ منها وخلعها من رقبته وخلع نفسه منها وبرأ كل من كانت له في عنقه بيعة من جميع أوليائه وسائر الناس مما كان له في رقابهم من البيعة والعهود والمواثيق والايمان بالطلاق والعتاق والصداقة والحج وسائر الايمان وحللهم من جميع ذلك وجعلهم في سعة منه في الدنيا
(٥٢٧)