ذلك في البحر * وذكر أن المأمون لما قتل علي بن هشام أمر أن يكتب رقعة وتعلق على رأسه ليقرأها الناس فكتب أما بعد فان أمير المؤمنين كان دعا علي بن هشام فيمن دعا من أهل خراسان أيام المخلوع إلى معاونته والقيام بحقه وكان فيمن أجاب وأسرع الإجابة وعاون فأحسن المعاونة فرعى أمير المؤمنين ذلك له واصطنعه وهو يظن به تقوى الله وطاعته والانتهاء إلى أمر أمير المؤمنين في عمل إن أسند إليه في حسن السيرة وعفاف الطعمة وبدأه أمير المؤمنين بالافضال عليه فولاه الأعمال السنية ووصله بالصلات الجزيلة التي أمر أمير المؤمنين بالنظر في قدرها فوجدها أكثر من خمسين ألف ألف درهم فمد يده إلى الخيانة والتضييع لما استرعاه من الأمانة فباعده عنه وأقصاه ثم استقال أمير المؤمنين عثرته فأقاله إياها وولاه الجبل وآذربيجان وكور أرمينية ومحاربة أعداء الله الخرمية على أن لا يعود لما كان منه فعاود أكثر ما كان بتقديمه الدينار والدرهم على العمل لله ودينه وأساء السيرة وعسف الرعية وسفك الدماء المحرمة فوجه أمير المؤمنين عجيف بن عنبسة مباشرا لامره وراعيا إلى تلافى ما كان منه فوثب بعجيف يريد قتله فقوى الله عجيفا بنيته الصادقة في طاعة أمير المؤمنين حتى دفعه عن نفسه ولو تم ما أراد بعجيف لكان في ذلك مالا يستدرك ولا يستقال ولكن الله إذا أراد أمرا كان مفعولا فلما أمضى أمير المؤمنين حكم الله في علي بن هشام رأى أن لا يؤاخذ من خلفه بذنبه فأمر أن يجرى لولده ولعياله ولمن اتصل بهم ومن كان يجرى عليهم مثل الذي كان جاريا لهم في حياته ولولا أن علي بن هشام أراد العظمى بعجيف لكان في عداد من كان في عسكره ممن خالف وخان كعيسى بن منصور ونظرائه والسلام (وفى هذه السنة) دخل المأمون أرض الروم فأناخ على لؤلؤة مائة يوم ثم رحل عنها وخلف عليها عجيفا فاختدعه أهلها وأسروه فمكث أسيرا في أيديهم ثمانية أيام ثم أخرجوه وصار توفيل إلى لؤلؤة فأحاط بعجيف فصرف المأمون الجنود إليه فارتحل توفيل قبل موافاتهم وخرج أهل لؤلؤة إلى عجيف بأمان (وفيها) كتب توفيل صاحب الروم إلى المأمون يسأله الصلح وبدأ بنفسه في (13 - 7)
(١٩٣)