قارب القاطول ضربت له فيه القباب والمضارب وضرب الناس الأخبية ثم لم يزل يتقدم وتضرب له القباب حتى وضع البناء بسامرا في سنة 221 * فذكر عن أبي الحسن بن أبي عباد الكاتب أن مسرور الخادم الكبير قال سألني المعتصم أين كان الرشيد يتنزه إذا ضجر من المقام ببغداد (قال) قلت له بالقاطول وقد كان بنى هناك مدينة آثارها وسورها قائم وقد كان خاف من الجند ما خاف المعتصم فلما وثب أهل الشأم بالشام وعصوا خرج الرشيد إلى الرقة فأقام بها وبقيت مدينة القاطول لم تستتم ولما خرج المعتصم إلى القاطول استخلف ببغداد ابنه هارون الواثق * وقد حدثني جعفر بن محمد بن بوازة الفراء أن سبب خروج المعتصم إلى القاطول كان أن غلمانه الأتراك كانوا لا يزالون يجدون الواحد بعد الواحد منهم قتيلا في أرباضها وذلك أنهم كانوا عجما جفاة يركبون الدواب فيتراكضون في طرق بغداد وشوارعها فيصدمون الرجل والمرأة ويطؤن الصبى فيأخذهم الأبناء فينكسونهم عن دوابهم ويجرحون بعضهم فربما هلك من الجراح بعضهم فشكت الأتراك ذلك إلى المعتصم وتأذت بهم العامة فذكر أنه رأى المعتصم راكبا منصرفا من المصلى في يوم عيد أضحى أو فطر فلما صار في مربعة الحرشي نظر إلى شيخ قد قام إليه فقال له يا أبا إسحاق قال فابتدره الجند ليضربوه فأشار إليهم المعتصم فكفهم عنه فقال للشيخ مالك قال لاجزاك الله عن الجوار خيرا جاورتنا جئت بهؤلاء العلوج فأسكنتهم بين أظهرنا فأيتمت بهم صبياننا وأرملت بهم نسواننا وقتلت بهم رجالنا والمعتصم يسمع ذلك كله قال ثم دخل داره فلم ير راكبا إلى السنة القابلة في مثل ذلك اليوم فلما كان في العام المقبل في مثل ذلك اليوم خرج فصلى بالناس العيد ثم لم يرجع إلى منزله ببغداد ولكنه صرف وجه دابته إلى ناحية القاطول وخرج من بغداد ولم يرجع إليها (وفى هذه السنة) غضب المعتصم على الفضل بن مروان وحبسه * ذكر الخبر عن سبب غضبه عليه وحبسه إياه وسبب اتصاله بالمعتصم * ذكر أن الفضل بن مروان وهو رجل من أهل البردان كان متصلا برجل
(٢٣٢)