ما ينبغي أن يسكن فيه وبعد أن يحول أمواله وخزائنه وسلاحه وفرشه وجميع ماله في دار محمد بن عبد الله فانصرف أكثر الناس وسكن أهل بغداد ولما فعل أهل بغداد ما فعلوا من اجتماعهم على ابن طاهر مرة بعد مرة واسماعهم إياه المكروه تقدم إلى أصحاب المعاون ببغداد بتسخير ما قدروا عليه من الإبل والبغال والحمير لينتقل عنها * وذكروا أنه أراد أن يقصد المدائن واجتمع على بابه جماعة من مشايخ الحربية والأرباض جميعا يعتذرون إليه ويسألونه الصفح عما كان منهم ويذكرون أن الذي فعل ذلك الغوغاء والسفهاء لسوء الحال التي كانوا بها والفاقة التي نالتهم فرد عليهم فيما ذكر مردا جميلا وقال لهم قولا حسنا وأثنى عليهم وصفح عما كان منهم وتقدم إليهم بالتقدم إلى شبابهم وسفهائهم في الاخذ على أيديهم وأجابهم إلى ترك النقلة وكتب إلى أصحاب المعاون بترك السخرة * ولأيام خلون من ذي الحجة انتقل المستعين من دار محمد بن عبد الله وركب منها فصار إلى دار رزق الخادم في الرصافة ومر بدار علي بن المعتصم فخرج إليه على فسأله النزول عنده فأمره بالركوب فلما صار إلى دار رزق الخادم نزلها فوصل إليها فيما ذكر مساء فأمر الفرسان من الجند حين صار إليها بعشرة دنانير لكل فارس منهم وبخمسة دنانير لكل راجل وركب بركوب المستعين ابن طاهر وبيده الحربة يسير بها بين يديه والقواد خلفه وأقام فيما ذكر مع المستعين ليلة انتقل إلى دار رزق محمد بن عبد الله إلى ثلث الليل ثم انصرف وبات عنده وصيف وبغا حتى السحر ثم انصرفا إلى منازلهما * ولما كان صبيحة الليلة التي انتقل المستعين فيها من دار ابن طاهر اجتمع الناس في الرصافة وأمر القواد وبنو هاشم بالمصير إلى ابن طاهر والسلام عليه وأن يسيروا معه إذا ركب إلى الرصافة فصاروا إليه فلما كان الضحى الأكبر من ذلك اليوم ركب ابن طاهر وجميع قواده في تعبية وحوله ناشبة رجالة فلما خرج من داره وقف للناس فعاتبهم وحلف أنه ما أضمر لأمير المؤمنين أعزه الله ولا لولى له ولا لاحد من الناس سوءا وأنه ما يريد إلا اصلاح أحوالهم وما تدوم به النعمة عليهم وأنهم قد توهموا عليه مالا يعرفه
(٤٨٧)