من شوال من هذه السنة جمع فيما ذكر محمد بن عبد الله بن طاهر جميع قواده الموكلين بأبواب بغداد وغيرهم فشاورهم جميعا في الأمور وأعلمهم ما ورد عليهم من الهزائم فكل أجاب بما أحب من بذل النفس والدم والأموال فجزاهم خيرا وأدخلهم إلى المستعين وأعلمه ما ناظرهم فيه وما ردوا عليه من الجواب فقال لهم المستعين والله يا معشر القواد لئن قاتلت عن نفسي وسلطاني ما أقاتل إلا عن دولتكم وعامتكم وأن يرد الله إليكم أموركم قبل مجئ الأتراك وأشباههم فقد يجب عليكم المناصحة والجهد في قتال هؤلاء الفسقة فردوا أحسن مرد وجزاهم الخير وأمرهم بالانصراف إلى مراكزهم فانصرفوا (وفى) يوم الاثنين لأيام خلت من ذي القعدة من هذه السنة كانت وقعة عظيمة لأهل بغداد هزموا فيها الأتراك وانتهبوا عسكرهم وكان سبب ذلك أن الأبواب كلها من الجانبين فتحت ونصبت المجانيق والعرادات في الأبواب كلها والشبارات في دجلة وخرج منها الجند كلهم وخرج ابن طاهر وبغا ووصيف حين تزاحف الفريقان واشتدت الحرب إلى باب القطيعة ثم عبروا إلى باب الشماسية وقعد ابن طاهر في قبة ضربت له وأقبلت الرماة من بغداد بالناوكية في الزواريق ربما انتظم السهم الواحد عدة منهم فقتلهم فهزمت الأتراك وتبعهم أهل بغداد حتى صاروا إلى عسكرهم وانتهبوا سوقهم هنالك وضربوا زورقا لهم كان يقال له الحديدي كان آفة على أهل بغداد بالنار وغرق من فيه وأخذوا لهم شبارتين وهرب الأتراك على وجوههم لا يلوون على شئ وجعل وصيف بغا يقولون كلما جئ برأس ذهب والله الموالى واتبعهم أهل بغداد إلى الروذبار ووقف أبو أحمد بن المتوكل يرد الموالى ويخبرهم أنهم إن لم يكروا لم يبق لهم بقية وأن القوم يتبعونهم إلى سامرا فتراجعوا وثاب بعضهم وأقبلت العامة تحز رؤوس من قتل وجعل محمد بن عبد الله يطوق كل من جاء برأس ويصله حتى كثر ذلك وبدت الكراهة في وجوه من مع بغا ووصيف من الأتراك والموالي ثم ارتفعت غبرة من ريح جنوب وارتفع الدخان مما احترق وأقبلت أعلام الحسن ابن الأفشين مع أعلام الأتراك يقدمها علم أحمر قد استلبه غلام لشاهك فنسى أن
(٤٨٢)