الحراسة بينهم نوائب في كل ليلة يحضرها الفرسان يبيتون على دوابهم بالسلاح وهم وقوف عليها لئلا يفتح الباب ليلا فيخرج من عمورية إنسان فلم يزل الناس يبيتون كذلك نوائب على ظهور الدواب في السلاح ودوابهم بسروجها حتى انهدم السور ما بين برجين من الموضع الذي وصف للمعتصم أنه لم يحكم عمله وسمع أهل العسكر الوجبة فتشوفوا وظنوا أن العدو قد خرج على بعض الكراديس حتى أرسل المعتصم من طاف على الناس في العسكر يعلمهم أن ذلك صوت السور وقد سقط فطيبوا نفسا وكان المعتصم حين نزل عمورية ونظر إلى سعة خندقها وطول سورها وكان قد استاق في طريقه غنما كثيرة فدبر في ذلك أن يتخذ مجانيق كبارا على قدر ارتفاع السور يسع كل؟ منها أربعة رجال وعملها أوثق ما يكون وأحكمه وجعلها على كراسي تحتها عجل ودبر في ذلك أن يدفع الغنم إلى أهل العسكر إلى كل رجل شاة فيأكل لحمها ويحشو جلدها ترابا ثم يؤتى بالجلود مملوءة ترابا حتى تطرح في الخندق ففعل ذلك بالخندق وعمل دبابات كبارا تسع كل دبابة عشرة رجال وأحكمها على أن يدحرجها على الجلود المملوءة ترابا حتى يمتلئ الخندق ففعل ذلك وطرحت الجلود فلم تقع الجلود مستوبة منضدة خوفا منهم من حجارة الروم فوقعت مختلفة ولم يمكن تسويتها فأمر أن يطرح فوقها التراب حتى استوت ثم قدمت دبابة فدحرجها فلما صارت من الخندق في نصفه تعلقت بتلك الجلود وبقى القوم فيها فما تخلصوا منها إلا بعد جهد ثم مكثت تلك العجلة مقيمة هناك لم يمكن فيها حيلة حتى فتحت عمورية وبطلت الدبابات والمنجنيقات والسلاليم وغير ذلك حتى أحرقت فلما كان من الغد قاتلهم على الثلمة وكان أول من بدأ بالحرب اشناس وأصحابه وكان الموضع ضيقا فلم يمكنهم الحرب فيه فأمر المعتصم بالمنجنيقات الكبار التي كانت متفرقة حول السور فجمع بعضها إلى بعض وصيرها حول الثلمة وأمر أن يرمى ذلك الموضع وكانت الحرب في اليوم الثاني على الأفشين وأصحابه فأجادوا الحرب وتقدموا وكان المعتصم واقفا على دابته بإزاء الثلمة وأشناس وأفشين وخواص
(٢٧١)