على تلك الناحية فيمر بالسور فلا يراه بنى فوجه خلف الصناع فبنى وجه السور بالحجارة حجرا حجرا وصير وراءه من جانب المدينة حشوا ثم عقد فوقه الشرف كما كان فوقف ذلك الرجل المعتصم على هذه الناحية التي وصف فأمر المعتصم فضرب مضربه في ذلك الموضع ونصب المجانيق على ذلك البناء فانفرج السور من ذلك الموضع فلما رأى أهل عمورية انفراج السور علقوا عليه الخشب الكبار كل واحد بلزق الأخرى فكان حجر المنجنيق إذا وقع على الخشب تكسر فعلقوا خشبا غيره وصيروا فوق الخشب البراذع ليترسوا السور فلما ألحت المجانيق على ذلك الموضع وانصدع السور فكتب ياطس والخصي إلى ملك الروم كتابا يعلمانه أمر السور ووجها الكتاب مع رجل فصيح بالعربية وغلام رومي وأخرجاهما من الفصيل فعبرا الخندق ووقعا إلى ناحية أبناء الملوك المضمومين إلى عمرو الفرغاني فلما خرجا من الخندق أنكروهما فسألوهما من أين أنتما قالا لهم نحن من أصحابكم قالوا من أصحاب من أنتم فلم يعرفا أحدا من قواد أهل العسكر يسميانه لهم فأنكروهما وجاؤا بهما إلى عمرو الفرغاني بن أربخا فوجه بهما عمرو إلى أشناس فوجه بهما أشناس إلى المعتصم فساءلهما المعتصم وفتشهما فوجد معهما كتابا من ياطس إلى ملك الروم يعلمه فيه أن العسكر قد أحاط بالمدينة في جمع كثير وقد ضاق بهما الموضع وقد كان دخوله ذلك الموضع خطأ وأنه قد اعتزم على أن يركب ويحمل خاصة أصحابه على الدواب التي في الحصن ويفتح الأبواب ليلا غفلة ويخرج فيحمل على العسكر كائنا فيه ما كان أفلت فيه من أفلت وأصيب فيه من أصيب حتى يتخلص من الحصار ويصير إلى الملك فلما قرأ المعتصم الكتاب أمر للرجل الذي يتكلم منهما بالعربية والغلام الرومي الذي معه ببدرة فأسلما وخلع عليهما وأمر بهما حين طلعت الشمس فأداروهما حول عمروية فقالا ياطس يكون في هذا البرج فامر بهما فوقفا بحذاء البرج الذي فيه ياطس طويلا وبين أيديهما رجلان يحملان لهما الدراهم وعليهما الخلع ومعهما الكتاب حتى فهمهما ياطس وجميع الروم وشتموهما من فوق السور ثم أمر بهما المعتصم فنحوهما وأمر المعتصم أن تكون
(٢٧٠)