واستخف بيمينه ورد رأى الخليفة قبله فقال اسكت لله أبوك فعبد الملك كان أفضل منك رأيا وأكمل نظرا حيث يقول لا يجتمع فحلان في هجمة قال عمرو ابن حفص وسمعت محمدا يقول للفضل بن الربيع ويلك يا فضل لا حياة مع بقاء عبد الله وتعرضه ولابد من خلعه والفضل يعينه على ذلك ويعده أن يفعل وهو يقول فمتى ذلك إذا غلب على خراسان وما يليها * وذكر بعض خدم محمد أن محمدا لما هم بخلع المأمون والبيعة لابنه جمع وجوه القواد فكان يعرض عليهم واحدا واحدا فيأبونه وربما ساعده قوم حتى بلغ إلى خزيمة بن خازم فشاوره في ذلك فقال يا أمير المؤمنين لم ينصحك من كذبك ولم يغشك من صدقك لا تجرئ القواد على الخلع فيخلعوك ولا تحملهم على نكث العهد فينكثوا عهدك وبيعتك فان الغادر مخذول والناكث مفلول وأقبل علي بن عيسى بن ماهان فتبسم محمد ثم قال لكن شيخ هذه الدعوة وناب هذه الدولة لا يخالف على إمامه ولا يوهن طاعته ثم رفعه إلى موضع لم أره رفعه إليه فيما مضى فيقال إنه أول القواد أجاب إلى خلع عبد الله وتابع محمدا على رأيه (قال أبو جعفر) ولما عزم محمد على خلع عبد الله قال له الفضل بن الربيع لا تعذر إليه يا أمير المؤمنين فإنه أخوك ولعله يسلم هذا الامر في عافية فتكون قد كفيت مؤونته وسلمت من محاربته ومعاندته قال فأفعل ماذا قال تكتب إليه كتابا تستطيب به نفسه وتسكن وحشته وتسأله الصفح لك عما في يده فان ذلك أبلغ في التدبير وأحسن في القالة من مكاثرته بالجنود ومعاجلته بالكيد فقال له أعمل في ذلك رأيك فلما حضر إسماعيل بن صبيح للكتاب إلى عبد الله قال يا أمير المؤمنين إن مسألتك الصفح عما يديه توليد للظن وتقوية للتهمة ومدعاة للحذر ولكن اكتب إليه فأعلمه حاجتك إليه وما تحب من قربه والاستعانة برأيه وسله القدوم إليك فان ذلك أبلغ وأحرى أن يبلغ فيما يوجب طاعته وإجابته فقال الفضل القول ما قال يا أمير المؤمنين قال فليكتب بما رأى قال فكتب إليه من عند الأمين محمد أمير المؤمنين إلى عبد الله بن هارون أمير المؤمنين (أما بعد) فان أمير المؤمنين روى في أمرك والموضع الذي أنت فيه من ثغرك وما يؤمل في قربك
(١١)