وأعظم غناء عن المسلمين من الشخوص إلى أمير المؤمنين وإن كنت مغتبطا بقربه مسرورا بمشاهدة نعمة الله عنده فان رأى أن يقرني على عملي ويعفيني من الشخوص إليه فعل إن شاء الله والسلام ثم دعا العباس بن موسى وعيسى بن جعفر ومحمدا وصالحا فدفع الكتاب إليهم وأحسن إليهم في جوائزهم وحمل إلى محمد ما تهيأ له من ألطاف خراسان وسألهم أن يحسنوا أمره عنده وأن يقوموا بعذره قال سفيان بن محمد لما قرأ محمد كتاب عبد الله عرف أن المأمون لا يتابعه على القدوم عليه فوجه عصمة بن حماد بن سالم صاحب حرسه وأمره أن يقيم مسلحة فيما بين همذان والري وأن يمنع التجار من حمل شئ إلى خراسان من الميرة وأن يفتش المارة فلا يكون معهم كتب بأخباره وما يريد وذلك سنة 194 ثم عزم على محاربته فدعا علي بن عيسى بن ماهان فعقد له على خمسين ألف فارس وراجل من أهل بغداد ودفع إليه دفاتر الجند وأمره أن ينتقى ويتخير من أراد على عينه ويخص من أحب ويرفع من أراد إلى الثمانين وأمكنه من السلاح وبيوت الأموال ثم وجهوا إلى المأمون * فذكر يزيد بن الحارث قال لما أراد على الشخوص إلى خراسان ركب إلى باب أم جعفر فودعها فقالت يا علي إن أمير المؤمنين وإن كان ولدى إليه تناهت شفقتي وعليه تكامل حذري فانى على عبد الله منعطفة مشفقة لما يحدث عليه من مكروه وأذى وإنما ابني ملك نافس أخاه في سلطانه وغاره على ما في يده والكريم يأكل لحمه ويميته غيره فاعرف لعبد الله حق والده وأخوته ولا تجبهه بالكلام فإنك لست نظيره ولا تقتسره اقتسار العبيد ولا ترهنه بقيد ولا غل ولا تمنع منه جارية ولا خادما ولا تعنف عليه في السير ولا تساوه في المسير ولا تركب قبله ولا تستقل على دابتك حتى تأخذ بركابه وإن شتمك فاحتمل منه وإن سفه عليك فلا تراده ثم دفعت إليه قيدا من فضة وقالت إن صار في يدك فقيده بهذا القيد فقال لها سأقبل أمرك وأعمل في ذلك بطاعتك وأظهر محمد خلع المأمون وبايع لابنيه في جميع الآفاق إلا خراسان موسى وعبد الله وأعطى عند بيعتهم بني هاشم والقواد والجند
(١٦)