أمير المؤمنين أمر لا أتأخر عنه تثبطا ومدافعة ولا أتقدم عليه اعتسافا وعجلة وأنا في ثغر من ثغور المسلمين كلب عدوه شديد شوكته وان أهملت أمره لم آمن دخول الضرر والمكروه على الجنود والرعية وان أقمت عليه لم آمن فوت ما أحب من معونة أمير المؤمنين وموازرته وإيثار طاعته فانصرفوا حتى أنظر في أمرى ونصح الرأي فيما أعتزم عليه من مسيري إن شاء الله ثم أمر بإنزالهم واكرامهم والاحسان إليهم * فذكر سفيان بن محمد أن المأمون لما قرأ الكتاب أسقط في يده وتعاظمه ما ورد عليه منه ولم يدر ما يرد عليه فدعا الفضل بن سهل فأقرأه الكتاب وقال ما عندك في هذا الامر قال أرى أن تتمسك بموضعك ولا تجعل علينا سبيلا وأنت تجد من ذلك بدا قال وكيف يمكنني التمسك بموضعي ومخالفة محمد وعظم القواد والجنود معه وأكثر الأموال والخزائن قد صارت إليه مع ما قد فرق في أهل بغداد من صلاته وفوائده وإنما الناس مائلون مع الدراهم منقادون لها لا ينظرون إذا وجدوها حفظ بيعة ولا يرغبون في وفاء عهد ولا أمانة فقال له الفضل إذا وقعت التهمة حق الاحتراس وأنا لغدر محمد متخوف ومن شرهه إلى ما في يديك مشفق ولان تكون في جندك وعزك مقيما بين ظهراني أهل ولايتك أحرى فان دهمك منه أمر جردت له وناجزته وكايدته فإما أعطاك الله الظفر عليه بوفائك ونيتك أو كانت الأخرى فمت محافظا مكرما غير ملق بيديك ولا ممكن عدوك من الاحتكام في نفسك ودمك قال إن هذا الامر لو كان أتاني وأنا في قوة من أمرى وصلاح من الأمور كان خطبه يسيرا والاحتيال في دفعه ممكنا ولكنه أتاني بعد إفساد خراسان واضطراب عامرها وغامرها ومفارقة جيغويه الطاعة والنواء خافان صاحب التبت وتهيئ ملك كابل للغارة على ما يليه من بلاد خراسان وامتناع ملك أترار بنده بالضريبة التي كان يؤديها ومالي بواحدة من هذه الأمور يد وأنا أعلم أن محمدا لم يطلب قدومي إلا لشر يريده وما أرى إلا تخلية ما أنا فيه واللحاق بخاقان ملك الترك والاستجارة به وببلاده فبالحري أن آمن على نفسي وأمتنع ممن أراد قهري والغدر بي فقال له
(١٤)