يشير إليه الجود من وجناته * وينظر من أعطافه حين ينظر أيا خير مأمول يرجى أنا أمرؤ * رهين أسير في سجونك مقفر مضى أشهر لي مذ حبست ثلاثة * كأني قد أذنبت ما ليس يغفر فإن كنت لم أذنب ففيم تعقبي * إن كنت ذا ذنب فعفوك أكثر قال فقال له محمد فان شربتها قال دمى لك حلال يا أمير المؤمنين فأطلقه قال فكان أبو نواس يشمها ولا يشربها وهو قوله * لا أذوق المدام إلا شميما * وذكر عن مسعود بن عيسى العبدي قال أخبرني يحيى بن المسافر القرقسائي قال أخبرني دحيم غلام أبى نواس أن أبا نواس عتب عليه محمد في شرب الخمر فطبق به وكان للفضل بن الربيع خال يستعرض أهل السجون ويتعاهدهم ويتفقدهم ودخل في حبس الزنادقة فرأى فيه أبا نواس ولم يكن يعرفه فقال له يا شاب أنت مع الزنادقة قال معاذ الله قال فلعلك ممن يعبد الكبش قال أنا آكل الكبش بصوفه قال فلعلك ممن يعبد الشمس قال إني لأتجنب القعود فيها بغضا لها قال فبأي جرم حبست قال حبست بتهمة أنا منها برئ قال ليس إلا هذا قال والله لقد صدقتك قال فجاء إلى الفضل فقال له يا هذا لا تحسنون جوار نعم الله عز وجل أيحبس الناس بالتهمة قال وما ذاك فأخبره بما ادعى من جرمه فتبسم الفضل ودخل على محمد فأخبره بذلك فدعا به وتقدم إليه أن يجتنب الخمر والسكر إن قال نعم قيل له فبعهد الله قال نعم قال فأخرج فبعث إليه فتيان من قريش فقال لهم إني لا أشرب قالوا وإن لم تشرب فآنسنا بحديثك فأجاب فلما دارت الكأس بينهم قالوا ألم ترتح لها قال لا سبيل والله إلى شربها فأنشأ يقول أيها الرائحان باللوم لوما * لا أذوق المدام إلا شميما نالني بالملام فيها إمام * لا أرى في خلافه مستقيما فاصرفاها إلى سواي فإني * لست إلا على الحديث نديما إن حظى منها إذا هي دارت * أن أراها وأن أشم النسيما فكأني وما أحسن منها * قعدى يزين التحكيما
(١٠٨)