ظاهرت بينها قال فلما رآها على ندم وتغير وجهه وقال يا غلام اذهب إلى الطباخين فقل لهم يطبخوا لنا مصلية ويجدوا صنعتها وأتنى بها الساعة فما هو إلا أن ذهب الغلام حتى جاء الخوان وهو لطيف صغير في وسطه غضارة ضخمة ورغيفان فوضعت بين يديه فكسر لقمة فأهوى بها إلى الصحيفة ثم قال كل يا مخارق قلت يا سيدي أعفني من الاكل قال لست أعفيك فكل فكسرت لقمة ثم تناولت شيئا فلما وضعته في فمي قال لعنك الله ما أشرهك نغصتها على وأفسدتها وأدخلت يدك فيها ثم رفع للغضارة بيده فإذا هي في حجري وقال قم لعنك الله فقمت وذاك الودق والمرق يسيل من الجباب فخلعتها وأرسلت بها إلى منزلي ودعوت القصارين والوشائين فجهدت جهدي أن تعود كما كانت فما عادت (وذكر) عن البحتري أبى عبادة عن عبيد الله بن أبي غسان قال كنت عند محمد في يوم شات شديد البرد وهو في مجلس له مفرد مفروش بفرش قلما رأيت أرفع قيمة مثله ولا أحسن وأنا في ذلك اليوم طاو ثلاثة أيام ولياليهن إلا من النبيذ والله لا أستطيع أن أتكلم ولا أعقل فنهض نهضة البول فقلت لخادم من خدم الخاصة ويلك قد والله مت فهل من حيلة إلى شئ تلقيه في جوفي يبرد عنى ما أنا فيه فقال دعني حتى أحتال لك وأنظر ما أقول وصدق مقالتي فلما رجع محمد وجلس نظر الخادم إلى نظرة فتبسم فرآه محمد فقال مم تبسمت قال لا شئ يا سيدي فغضب قال البحتري فقال شئ في عبيد الله بن أبي غسان لا يستطيع أن يشم رائحة البطيخ ولا يأكله ويجزع منه جزعا شديدا فقال يا عبيد الله هذا فيك قال قلت أي والله يا سيدي ابتليت به قال ويجك مع طيب البطيخ وطيب ريحه قال فقلت أنا كذا قال فتعجب ثم قال على ببطيخ فأتى منه بعدة فلما رأيته أظهرت القشعريرة منه وتنحيت قال خذوه وضعوا البطيخ بين يديه قال فأقبلت أريه الجزع والاضطراب من ذلك وهو يضحك ثم قال كل واحدة قال فقلت يا سيدي تقتلني وترمى بكل شئ في جوفي وتهيج على العلل الله الله في قال كل بطيخة ولك فرش هذا البيت على عهد الله بذلك وميثاقه قلت ما أصنع بفرش بيت وأنا أموت إن أكلت
(١١٢)